تركت المشاركة اللبنانية الواسعة في التعزية برحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، دلالات كثيرة تصبّ في إطار العلاقة الوثيقة بين البلدين على حدّ قول مصادر في تيار المستقبل وتحمل في الوقت نفسه اشارات سياسية ايجابية على اعتبار هذه المشاركة جاءت من معظم القوى السياسية المتعددة الانتماءات والتوجهات ومن مختلف المذاهب والطوائف والأطياف، ما ولّد ارتياحاً في هذه الظروف بالذات، إن من خلال التعزية التي أقامتها السفارة السعودية في مسجد محمد الامين او على مستوى زيارة البعض الى الرياض والبرقيات التي أُرسلت مثمّنة الدور الكبير الذي يؤديه الملك عبداللّه لبنانياً وعربياً.
وفي هذا الاطار، تقول المصادر ان هذه المناسبة الاجتماعية يُبنى عليها في التوقيت الراهن إن على مستوى العلاقة بين بيروت والرياض أو على صعيد الدور السعودي المتقدّم باتجاه تقريب المسافات بين القوى السياسية اللبنانية لانتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما تبدّى في الآونة الأخيرة عبر دلالة التواصل بين السفير السعودي علي عواض عسيري والقوى والمؤسسات المسيحية عبر إصرار سعودي على انتخاب الرئيس المسيحي دون أي تدخلات من الرياض في هذه المسألة التي تخصّ اللبنانيين دون سواهم، إنما من باب الحرص لملء هذا الفراغ الذي له آثاره السلبية على الواقع اللبناني وأيضاً انتخاب الرئيس يرسّخ الاستقرار ويبعث على الاطمئنان.
وهنا، تكشف المصادر المذكورة ان الالتفاف العربي والدولي حول المملكة في التشييع والتعزية بوفاة الملك عبدالله وأيضاً ما حصل على المستوى اللبناني من تعاطف وتضامن، وصولاً الى التعزية الايرانية عبر وزير الخارجية محمد جواد ظريف، فتلك العناوين قد تشكّل في الأيام المقبلة بعد الانتهاء من فترة الحداد ربما عودة الحراك على خطّ السعي لانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية وذلك عماده التقارب السعودي – الايراني ومن ثم معاودة الدور الفرنسي من خلال جان فرنسوا جيرو، ولكن في الوقت عينه تشير الأجواء المستقاة عبر أقنية ديبلوماسية على صلة بوضع المنطقة، الى ان المناسبات الاجتماعية شيء والسياسة شيء آخر وإن ما حصل في الرياض من إجماع وحضور عربي ودولي وخصوصاً على المستوى اللبناني، يساعد على حلحلة الأمور والتقارب باعتبار «للياقات» دور في تقريب المسافات وتهيئة المناخات الايجابية، وانما هنالك مناخات لا تشير الى أية حلحلة على صعيد الاستحقاق الرئاسي، اذ المملكة العربية السعودية وبحسب المصادر في المستقبل تقوم الان بدور كبير على مستوى المنطقة ولها حضورها ومكانتها، ولكن الحكم الجديد بحاجة الى بعض الوقت بالنسبة الى صياغة وبلورة الملفات المتعلقة بالمنطقة وإن كانت السياسة السعودية ثابتة ومتماسكة والملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده على ذات الخطى التي سلكها الملك عبدالله، وبالتالي ايضا السياسة الخارجية للمملكة لم تتبدّل أو نظرة الرياض لما يحصل في اليمن والعراق ولبنان وفلسطين. لذا، ليس هنالك من انتخابات رئاسية في لبنان وأقله حتى الربيع المقبل تؤكد المصادر، وبالتالي الأوضاع لها صلة ايضاً بالتطورات والاحداث الاقليمية من مفاوضات القاهرة الى موسكو بين النظام والمعارضة السورية، تالياً الملف النووي الايراني والحروب المستعرة من القلمون الى عرسال ورأس بعلبك وقضايا كثيرة من شأنها أن تؤثر الى حدّ كبير في هذا الملف الذي بات واضحاً أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتلك العناوين.
ولفتت المصادر الى ان العائدين من الرياض بعد واجب التعزية لمسوا مدى حرص المملكة على لبنان وأمنه واستقراره مؤكّدين أن دعم لبنان قائم وليس هناك من اي متغيرات وشعروا بمحبة وتقدير واضحَين من الملك سلمان وولي عهده تجاه كل اللبنانيين دون استثناء، وبالتالي ستكون هنالك زيارات لقيادات وزعامات لبنانية الى الرياض ان على مستوى التعزية او للتشاور في الأوضاع السياسية اللبنانية والاقليمية والعلاقة الوثيقة بين البلدين.