في اللقاءات الخاصة مع عدد من مسؤولي تيار «المستقبل»، يتحدث هؤلاء بصراحة ووضوح عن اهم المشكلات التي يواجهها لبنان في هذه المرحلة وكيفية الخروج من المأزق قبل استفحال الاوضاع والوصول الى الانفجار الكبير.
وبرغم وجود بعض التباينات في مقاربة مسؤولي «التيار» للاوضاع الداخلية وكيفية الخروج من الازمات القائمة، فانهم يجمعون على ان ما يواجهه لبنان اليوم ليس تحديا عاديا بل هو يرتبط بمستقبل النظام والكيان، ولذا فان الحلول يجب ان تكون غير تقليدية.
ويتحدث هؤلاء المسؤولون عن خمسة ألغام أساسية تواجه الوضع اللبناني اليوم وهي التالية:
أولاً: العلاقات الاسلامية ـ الاسلامية (الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة) وهي من اخطر الالغام في ظل ما يجري في المنطقة من تطورات واحتمال انفجار الاوضاع الامنية في اية لحظة، برغم الحوار القائم بين «التيار» و «حزب الله»، والدليل على ذلك ما جرى مؤخرا في السعديات.
ثانيا: العلاقات السنية ـ السنية وما تواجهه الساحة الاسلامية السنية من مخاطر العنف والتطرف التي تصيب السنة قبل غيرهم، في ظل تنامي دور التنظيمات الاسلامية المتطرفة وتراجع دور خطاب الاعتدال، والشواهد على ذلك كثيرة، وهذه أزمة عميقة يجب التنبه لها ولمخاطرها المستقبلية والبحث في كيفية مواجهتها.
ثالثا: العلاقات الاسلامية ـ المسيحية والتي تشهد توترات مختلفة، احيانا معلنة واحيانا مكبوتة، ان على الصعيد الاجتماعي او السياسي، وهي مرتبطة ايضا بالازمة التي يواجهها النظام اللبناني اليوم والتي تحتاج إلى إعادة قراءة تجربة اتفاق الطائف وتقييمها، والبحث عن حلول جذرية للأزمة وأن لا تقتصر المعالجات على القضايا الحالية.
رابعا: الملف الفلسطيني وما يجري في المخيمات الفلسطينية من تطورات أمنية خطيرة، لاسيما في مخيم عين الحلوة، والتي تهدد بانفجار الاوضاع ان في داخل هذه المخيمات او في محيطها. وهذا يتطلب رعاية امنية وسياسية دائمة لما يجري، مع الحاجة للبحث عن حلول ذات المدى البعيد في ظل ازدياد عدد اللاجئين الفلسطينيين، لاسيما القادمين من سوريا وما يعانونه من مشاكل امنية واجتماعية واقتصادية وصحية.
خامسا: ملف اللاجئين السوريين في لبنان، وهو من أخطر الملفات في الوقت الحالي ومستقبلاً، خاصة مع استمرار الازمة السورية ووصول عدد اللاجئين الى حوالي المليون ونصف المليون لاجئ وما يترتب على لبنان من وراء ذلك من تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية. وحسبما يقول مسؤول بارز في التيار: إن لبنان لا يزال يعاني الى اليوم من لجوء 300 الف فلسطيني الى لبنان منذ الازمة الفلسطينية، فكيف سيستطيع مواجهة مليون ونصف مليون لاجئ سوري في المدى البعيد؟
هذه الالغام الخمسة المباشرة التي تواجه لبنان في هذه المرحلة، حسب المسؤولين في تيار «المستقبل» والتي يمكن ان تهدد وجود لبنان ومستقبله، تتطلب عملا شاقا سياسيا واجتماعيا وأمنيا وفكريا من اجل مواجهتها والحفاظ على الاستقرار في ظل ما يحيط لبنان من تطورات خطيرة في دول المنطقة.
وعلى ضوء هذه التطورات، يكشف بعض مسؤولي «المستقبل» عن قيامهم بتشكيل لجان داخلية لبحث هذه الملفات، وخصوصا مستقبل النظام السياسي في لبنان وكيفية تطويره، وان كانت الظروف اليوم غير مناسبة لطرح هذه الافكار على الطاولة فعلى الاقل يجب الاستعداد لكل الاحتمالات والخيارات.
وبموازاة ذلك، تعمل رئيسة لجنة التربية النيابية بهية الحريري لعقد مؤتمر دولي تحت عنوان: «الملتقى الانساني العالمي لحماية لبنان»، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والتسعين لقيام لبنان الكبير (أول أيلول 1920)، وسيقام الملتقى في بداية شهر ايلول المقبل في قصر الاونيسكو بحضور حشد كبير من الشخصيات السياسية والفكرية اللبنانية والعربية والدولية «من اجل حماية التجربة اللبنانية ودعم لبنان في مواجهة التحديات المختلفة».
هذه الأجواء تكشف خطورة الاوضاع اللبنانية والحاجة إلى الحوار الداخلي، برغم كل التباينات بين معظم الاطراف. ولذلك يؤكد مسؤولو تيار «المستقبل» ان خيار الحوار مع «حزب الله» نهائي ومحسوم، وان الحوار يجب ان يشمل الجميع مهما بلغت التباينات، وان جميع مؤسسات المجتمع المدني والهيئات اللبنانية معنية اليوم بدعم الحوار الداخلي وتفعيله بانتظار ما ستؤول إليه الاوضاع في المنطقة عامة، وفي سوريا بشكل خاص.