التحولات العميقة التي يشهدها العالم تتعاظم مظاهرها ومؤشراتها وكوارثها الحربية والسياسية والانسانية والاقتصادية، وتلك التحولات لم تكن على قائمة التوقعات والاستطلاعات في المجتمعات المتقدمة، مما يؤكد عدم وجود نخبة سياسية قادرة على ابتكار معايير وقيم القرية الكونية التكنولوجية وادخالها في الوعي الفردي والمجتمعي، البشرية منذ آلاف السنين تعيش في قرية كونية مناخية ووجودية يعيش فيها الكبار على حساب الصغار، والذي كان يتغير بين عصر وآخر هو ابتكار ادوات التواصل والتعارف وتلبية الضرورات والبديهيات والانصهار في تجديد المجتمعات عبر تشكيل الامبراطوريات القبلية والعرقية والدينية والقومية والوطنية والصناعية، وبقيت النخبة السلطوية على مر التاريخ منشغلة في اعادة تجديد السلطة على حساب تجديد المجتمعات وتحديث الادوات القادرة على محاكاة تطلعات الاجيال وحماية الانتظام العام المحلي والاقليمي والعالمي.
وباء كورونا شكل احد اخطر مظاهر الفشل العالمي حيث ان العالم باسره عاش في حالة من الانكفاء والاختباء والخوف نتيجة فشل علماء وقادة القرية الكونية في معالجة الوباء، مما جعل من القرية الكونية واقعا معاشا بعد ان كان مصطلحا افتراضيا على مدى قرون طوال، وجاءت الحرب الروسية الاوكرانية في ٢٤ شباط ٢٠٢٢ بعد يوم واحد من انتهاء مؤتمر ميونيخ الدولي للامن والذي لم يتوقع نشوب هذه الحرب والتي تتعاظم مخاطرها الى حدود الحديث عن استخدام الاسلحة النووية والتي قد تتحول الى حرب عالمية ثالثة.
تحولات كورونا واوكرانيا العميقة هي شديدة التواصل والتداخل مع حرب الابادة الجماعية في غزة والتي اصبحت تشكل مرآة فشل النظام الدولي والاقليمي وتداعي هيبة الدول امام تعاظم المجازر التي تتجاوز كل روايات الابادة التاريخية والمحارق والمجازر، حيث اصبحت مياه الشرب من اسلحة الابادة الجماعية واحدث تقارير وكالة التنمية الاميركية تتحدث عن ان ٩٥ بالمئة من اهالي غزة بدون مياه نظيفة منذ اشهر، بالاضافة الى الجوع والتيه بين الدمار والدمار والإبادة والإبادة، والعالم باسره يحاول البحث عن ادبيات تبرر فشله وعجزه عن التأثير في منع عمليات الابادة الجماعية مما جعل النظام الدولي يختبىء خلف اليات غير قادرة على حماية اصغر الموظفين في محاكم العدل والجنائية الدولية نتيجة انهيار منظومة القيم امام ازدواجية المعايير التي اصبحت تهدد الامن والسلم الدولي في القرية الكونية.
النخبة السلطوية في لبنان تتوقع ان تحقق قمة الدول السبع في ايطاليا ما حققته اجتماعات وزراء خارجية الدول العشرين في روما ٢٩ حزيران ٢٠٢١، بعد تلاقي وزراء خارجية اميركا وفرنسا والسعودية حول لبنان برعاية الفاتيكان، وكان نتيجة ذلك اللقاء تشكيل حكومة الرئيس ميقاتي التي انتهت ولايتها مع الانتخابات النيابية في ايار ٢٠٢٢ وهي منذ سنتين مستمرة مع تصريف الاعمال، والرئيس الفرنسي من قمة الدول السبع في ايطاليا اعلن عن تشكيل لجنة اميركية اسرائيلية فرنسية لمتابعة مخاطر الحرب في لبنان وهي تشبه اللجنة الاميركية المصرية القطرية حول غزة ثم كانت المفاجأة الكبرى هي حضور قداسة البابا اجتماعات اليوم الثاني بحضور رؤساء الدول السبع والضيوف من الرؤساء والقاء كلمة دعى فيها الى السلام في اوكرانيا وغزة وذلك قبل زيارة رئيس حكومة الفاتيكان في ٢٣ حزيران الى لبنان ، حيث تنتظر دبلوماسية الفاتيكان مخاطر شغور الرئاسة والحرب في لبنان، وحفظ الله لبنان.