Site icon IMLebanon

ضوابط لعبة مفتوحة بعد الانسحاب الأميركي

 

الرئيس دونالد ترامب نفّذ وعده الانتخابي بالانسحاب من الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة ٥١ والاتحاد الأوروبي. والرئيس حسن روحاني طوى الوعيد الايراني بتمزيق الاتفاق وإحراقه اذا انسحبت منه أميركا، معلنا الحفاظ عليه مع الشركاء الآخرين. وليس أمرا قليل الدلالات، وسط الأحاديث عن تعدّد الخيارات والاستعداد لكل السيناريوهات، ان تعطي طهران الأولوية لخيار الصبر الاستراتيجي في مواجهة ما يراه كثيرون نوعا من التهوّر الاستراتيجي الأميركي.

والسؤال المطروح في ردود الفعل المختلفة على قرار ترامب ومضاعفاته هو: هل قام الرئيس الذي لا يحب أن يقرأ ولا أن يصغي بارتكاب خطأ فادح كما قال الرئيس السابق باراك أوباما أم انه قام بتصحيح خطأ فادح ارتكبه سلفه؟ والى أين تتجه المنطقة التي تغلي بالصراعات والحروب بعد القرار الذي أسف له الأوروبيون، وانتقده الصينيون، ووصفه الروس بأنه تهديد للأمن والسلم الدوليين. وقال الايرانيون انه غير شرعي ولا قانوني، ورحبت به السعودية والامارات والبحرين، واعتبرته اسرائيل نصرا لها؟ الى حرب شاملة أم الى صدامات بالتقسيط؟ الى الاكتفاء بحرب اقتصادية ومالية عبر عقوبات شديدة ومؤثرة أم الى فتح باب للتفاوض عبر جهود أوروبية؟

الصورة ضبابية، وسط كثير من التصورات المختلفة. لكن الواضح ان ترامب حشر نفسه وبلاده والحلفاء والخصم في مأزق، وأضاف الى المشكلة مع ايران مشكلة مع الإتحاد الأوروبي. طهران التي اعترض نافذون فيها على الإتفاق وانتقدوا الوفد المفاوض برئاسة وزير الخارجية الضاحك محمد جواد ظريف، كشفت ان الإتفاق جاء لمصلحتها مالياً واقتصادياً وسياسياً وديبلوماسياً.

 

إذ هي أخذت رفع العقوبات الدولية وانفتاح العالم عليها مقابل توظيف الهوس الإقليمي والدولي بخطر امتلاكها للسلاح النووي بالتخلي عما كانت ولا تزال تقول انها لا تسعى ولن تسعى إليه حسب الرئيس روحاني. وهي، في الحرص على إكمال مسار الإتفاق مع الشركاء الباقين، مضطرة لأن تراعي مواقف روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا والإتحاد الأوروبي.

والثلاثي الأوروبي الفرنسي – البريطاني – الألماني الذي أصرّ على إلتزام الإتفاق اضطر لتبني بعض مطالب ترامب والعمل على تصحيح العيوب الثلاثة التي يشكو منها: الصواريخ الباليستية، السلوك الايراني المزعزع للإستقرار في الشرق الأوسط، ومرحلة ما بعد انتهاء القيود على نسب تخصيب اليورانيوم في العام ٢٠٢٥. وهذا ما يضع الثلاثي في مشكلة مع طهران التي لا تزال ترفض التفاوض على هذه المواضيع، وفي وضع صعب بين الحرص على المصالح الإقتصادية والإستثمارات الأوروبية في ايران وبين إرضاء واشنطن التي تهدّد بفرض عقوبات على أية دولة تساعد الجمهورية الإسلامية في الملف النووي.

واللعبة مفتوحة، لكن الضوابط قوية.