IMLebanon

لعبة التبسيط والتعقيد  في الملف الرئاسي

الموعد الخامس والأربعون ينضم الى المواعيد السابقة في ساحة النجمة لانتخاب رئيس: نصاب الجلسة مفقود بقرار لم يتغيّر منذ نحو عامين على طريقة موت معلن. والكلام خارج القاعة العامة على الواجب الدستوري وخطورة البقاء بلا رئيس مكرّر ويتبخّر في الفراغ من دون تأثير. ولا أحد يعرف الى متى نستمر في الكذب على أنفسنا والتصرّف كأننا لا نزال في نظام ديمقراطي برلماني. فاللعبة البرلمانية معطلة، لا فقط لأن الجمهورية بلا رئيس بل أيضاً لإبقاء الجمهورية بلا رئيس. وأزمة الشغور الرئاسي مختلفة عن أزمات الشغور السابقة، إذ من الوهم البحث عن إنهاء الأزمة بالوسائل والحسابات والألعاب التي صنعت التسويات في الماضي. والوهم الأكبر هو المكابرة والهرب من قراءة عميقة في المتغيرات المحلية والاقليمية.

ومنذ البدء، ونحن نضع الملف الرئاسي على طاولة اللبننة في الصباح وعلى طاولة الأقلمة والتدويل في المساء. لا بل نراهن في اغلاق الملف على مزيج من التبسيط والتعقيد في وقت واحد. أما التبسيط برغم رؤية البعض لأزمة الشغور الرئاسي في اطار أزمة حكم وأزمة نظام وحاجة الى مؤتمر تأسيسي، فانه التصرّف على أساس ان مفتاح اللعبة المعطلة هو في الداخل وفي يد طرف واحد وبالذات في يد الرئيس سعد الحريري.

وأما التعقيد، فانه المراوحة بين التصور ان لبنان مركز الاهتمام الاقليمي والدولي وبين الاصطدام بحقيقة ان لبنان ليس حالياً على شاشة الاهتمامات الاقليمية والدولية المركزة على سوريا والعراق واليمن. وترجمة ذلك هي ربط انتخاب رئيس الجمهورية بلعبة الأمم، وانتظار نهاية حرب سوريا والتفاهم بين السعودية وايران، وما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، واللعبة بين أميركا وروسيا لكي يكتمل نصاب جلسة الانتخاب.

والكل ينتظر الآن المشاورات التي يجريها الرئيس الحريري مع الأطراف المحلية، لكن المشاورات بين أطراف لها مواقف ثابتة كرّست استمرار الشغور الرئاسي ليست بوليصة ضمان للنجاح.

فالحريري طرف أساسي في اللعبة وليس وسيطاً ولا موفداً دولياً، ويعرف ان الحدّ الأدنى للرهان على النجاح هو أن يكون مستعداً لتغيير موقفه أو مراهناً على تغيير في موقف سواه. وما يعرفه أكثر هو صعوبة التغيير داخل تياره، وخطورة تجاهل التعقيدات الاقليمية والدولية وثمن التفرّد بقرار يغضب الحليف الاقليمي.

والمفارقة في السياسات اللبنانية ان يجد الحريري نفسه محكوماً بالخيار بين مرشحين من ٨ آذار، وان تبدو رئاسة العماد ميشال عون معلّقة بقرار الرجل الذي قطع له بعد اسقاط حكومته بطاقة بلا عودة.