Site icon IMLebanon

لعبة الشارع وعروض القوة

قد يختلف كثيرون في تقويم إقدام رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على قراره مقاطعة الحوار ما دام لا فائدة مرجوة منه ولا يخدم استحقاق انتخاب رئيس جديد على حد قوله. والخطوة في ذاتها جريئة اذ كسرت الاصطفاف الذي يُراد له ان يجمع شكلاً، وربما أطال امد الشغور، ويحاول استيعاب الشارع.

وتبرز مشكلة الشارع في أنّ لكل واحد شارعه، سواء الاحزاب والطوائف أو مجموعات الحراك المدني، وقد عادت لعبة الشوارع لتظهر بعد غياب، كأن الاطراف السياسيين دخلوا مجددا لعبة المزايدة في الأعداد والتظاهرات والمهرجانات.

بعد تظاهرة 8 آذار 2005 لوداع الاحتلال السوري، وما تلاها من تظاهرة تاريخية في 14 آذار 2005، لم يعد للشارع معنى. التظاهرة الكبرى بعد هذين الموعدين، كانت فقط في استقبال قداسة البابا في لبنان. ولعل في المناسبة عبرة للسياسيين. قبل الزيارة وبعدها، تجمعات حزبية طائفية، غالبا مدفوعة الأجر، أو مدفوعة بعوامل الترهيب، لا تقدم ولا تؤخر في المعادلات السياسية القائمة، والتي يعترف “زعماء” البلد و”قادة” الحوار بأنها باتت لعبة خارجية.

لا أحد ينكر أنّ لكل فريق الحق في النزول الى ساحتي الشهداء ورياض الصلح، أو أي ساحة اخرى، ما دام الحراك مضبوطاً بعدم تخريب الاملاك العامة والخاصة، وإلحاق الاذى بالناس، وايضا بالقوى الامنية في بلد يقف على حافة الهاوية ولا يتحمل المزيد من المغامرات.

ولا أحد ينكر انّ للتحركات في الشارع أثرها، وخصوصا التحرك المدني الاخير، والتظاهرات النقابية، التي ارهبت الطبقة السياسية، فعجّلت في الحوار، ونشطت الحكومة في اجتماعها الاخير، وصارت ضاغطة على الكثير من القرارات الإدارية.

لكن الاكيد أيضا أن لعبة الشارع تلك قد تفلت من أيدي منظميها، إذا ما دخلت عليها عناصر استخبارية للافادة منها في غير وجهتها الاصلية، أو لتخريبها، ومثلها قد تفعل أحزاب وميليشيات متضررة، ربما اتفقت في ما بينها على ضرب التحرك، وربما حوّلت ذلك فوضى في الشارع، أو قام مجدداً شارع في مقابل شارع. لذا من الضروري التنبه لضرورة عدم التحول الى عرض القوة وحرف التنافس عن خريطته في دفع الإصلاح ومحاربة الفساد.