IMLebanon

لعبة «الفيتو»…مُغامرة خطرة

في دوّامة حمّى التوزير، والشروط والفيتوات التي يكثر الحديث عن ممارستها من قبل فريق 8 آذار والتي على ما يبدو لا تتناول سوى حصة حزب القوات اللبنانية في اولى حكومات العهد العوني، الذي كان لحزب القوات دور مؤثر في تحقيقه، رأيت ان الجأ الى الارقام، المسلّم بأنها معصومة عن الخطأ، على قاعدة ان واحداً جمع واحد يساويان اثنين، لا ثلاثة او واحداً، لاطلع من خلالها على قوة الكتل النيابية التي تتصارع على نوع الحقائب الوزارية وعددها، واي طرف يحق له ان يضع شروطاً او يفرض فيتويات، ومع ان النتيجة التي خلصت اليها تتقارب كثيراً مع عدد الاصوات التي نالها الرئيس العماد ميشال عون، الا ان التركيز محصور بالكتل والنواب الذين يولون رئيس الحكومة المكلف كامل الثقة في تشكيل حكومة، بما يراه مناسباً لتسيير عجلة الدولة في الاشهر الستة المقبلة، قبل حلول موعد استحقاق الانتخابات النيابية.

العملية الحسابية البسيطة، تظهر ان كتلة تيار المستقبل تضم 43 نائباً، هم نواب كتلة المستقبل، وحلفائه، وستة نواب مستقلين، كتلة التغيير والاصلاح 21 نائباً، كتلة اللقاء الديموقراطي 11 نائباً، كتلة حزب القوات اللبنانية 8 نواب، يضاف اليهم نائب صديق بحيث يصل العدد الاجمالي الى 84 نائباً يؤيدون الحكومة التي يشكلها سعد الحريري، ومن المرجح جداً، ان ينضم اليهم نواب حزب الكتائب الخمسة، للعلاقة الوثيقة التي تربط الحزب بتيار المستقبل. في المقابل هناك كتل ونواب منفردون عددهم الاجمالي 35 نائباً، ويبقى نواب الكتائب الخمسة يكملون عدد النواب الاجمالي البالغ 126، بسبب خلو المقعد النيابي في طرابلس للنائب روبير فاضل المستقيل، ومقعد الرئيس عون في كسروان.

***

هذه العملية الحسابية البسيطة، للتدليل على ان هناك اقلية نيابية في مجلس النواب، امتهنت منذ الانتخابات النيابية في العام 2009، اسلوب التعطيل وفرض الشروط ووضع الفيتوات في الحكومة وفي مجلس النواب، وفي اي خطوة لا تروقها، وفي مقابل اليد الممدودة للاكثرية النيابية، هناك احلاف مقدسة تتستر بالميثاقية حيناً، وتهدد بالقوة احياناً، لفرض شروطها ومطالبها على اكثرية يحق لها بموجب الدستور والقانون والشرائع الدولية ان تحكم منفردة، ومن غير المسموح لأي طرف ان يضع فيتو على مطلق حزب او كتلة او تيار، كما من غير المسموح احتكار وزارة او ادارة او منصب.

من حق اي حزب، يتمتع بتمثيل شعبي ونيابي وازن، ان يطالب بأي حقيبة وزارية، ولا يحق لأحد ان يضع فيتو على حزب او شخص او كتلة، او ان يقوّم الاشخاص والاحزاب، ويعطي شهادات حسن سلوك لهذا، ويحجبها عن ذاك.

هناك حملة كبيرة سياسية على حزب القوات اللبنانية، فليكن وهذا حق في العمل السياسي، ولكن ان نفرض مبدأ «علي يرث وعلي لا يرث» فهذا تصرف شاذ وخاطئ، ويؤسس لفرقة بين الطوائف والمذاهب والاحزاب، ولا يساهم في بناء الدولة.

مثلما ان هناك احتراماً للناس الذين ينتخبون القيادات والنواب في احزاب قوى 8 آذار، على هذه الاحزاب والقوى ان تحترم الناس الذين يختارون قياداتهم ونوابهم في احزاب وتيارات 14 آذار، وأي خلل في هذه المعادلة، سينعكس سلباً على اي خطوة للتقارب في وجهات النظر ولو في حدها الادنى.

لعبة العزل والابعاد والفرض، لعبة خطرة، دفع لبنان وشعبه ثمنها غالياً، كلفه مقتل وجرح واعاقة وتهجير الملايين من شعبه… فاتعظوا.