حلت السكينة على جلسة مجلس الوزراء، أمس، فكانت مناقشات خالية من الانفعالات، وسجلت تنازلات من جانب فريق الثامن من آذار على صعيد القبول بفتح ملف النفايات قبل آلية عمل الحكومة والتعيينات، لم تقترن بايجابيات، أقلها توقيع مراسيم ترقية الضباط ممن حرموا من رئيس يسلمهم سيوف التخرج في عيد الجيش، غداً، للسنة الثانية على التوالي.
وبدا واضحاً أن النصائح العربية والدولية وجدت طريقها الصحيح، فلم نسمع كلمة استقالة ولا اعتكاف، ولو ان الرئيس تمام سلام أبقى الباب مفتوحاً على كل الخيارات، بحيث أبقى عصا الاستقالة مرفوعة مع قليل من الهمز…
وواضح ان القوى الاقليمية المتحكمة بالوضع اللبناني تريد الحفاظ على الحكومة بوصفها آخر حصون الدولة والنظام، التي حرمت من رئاسة جمهوريتها، ومن الفعالية التشريعية لبرلمانها، علماً أن لكل طرف غايته ومبتغاه، ففريق ١٤ آذار يتمسك بها، كمعبر أخير لاستعادة الشرعية الكاملة، والفريق المقابل يريدها كغطاء سياسي لوجوده غير السياسي في لبنان وسوريا، شرط أن تبقى لا معلقة ولا مطلقة، تجتمع ولا تقرر، تختلف ولا تستقيل، ريثما تتبلور الصورة الاقليمية لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي الايراني مع الدول الغربية.
الرئيس بري العائد من باريس يرى، اننا في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي نمر والمنطقة بمرحلة انتقالية استثنائية وتاريخية، وان على اللبنانيين تمرير هذه المرحلة بتبصر وحكمة.
ولكن الى متى يمكن ان تمتد هذه الفترة الانتقالية؟ وبالتالي كم من الاشهر والسنوات يتعين ان يبقى لبنان بلا رئيس جمهورية ولا مجلس نواب فعال او حكومة منتجة؟
هنا غالبية الآراء المتداولة لا تشجع على التفاؤل، والأكثر رواجاً ان الاتفاق النووي محصور بما تم التوقيع عليه، وليس من ملاحق سرية او علنية تتناول مستقبل الانفلاش الايراني القائم، الا ما بدا من اخراج قوات الرئيس اليمني عبد ربه هادي من عدن. اما في سوريا، فان البعض فسر حديث الاسد عن ضعف جيشه واضطراره الى ترك مناطق للدفاع عن أخرى، على انه تمهيد للتراجع، الأمر الذي لم يكن وارداً قبل توقيع الاتفاق الايراني – الأميركي…
وفي العراق، واضح ان الصورة بدأت تتغير لمجرد رحيل حكومة المالكي المتأرينة بالكامل، اما في لبنان، فثمة اجماع على اننا في آخر السلم، تبعاً لارتباط حزب الله المطلق بالاستراتيجية الايرانية، التي لن تتخلى عما بيدها من اوراق بسهولة، فمتى انتهى دور الحزب في سوريا، قد ينتظره دور جديد على مستوى الصراع مع اسرائيل، وما حديث السيد حسن نصرالله عن فلسطين ومسؤولية العرب والمسلمين العقائدية تجاه قضية فلسطين، الا رشة ماء على الوجه المقاوم للحزب.
وفي المعطيات اللبنانية المتوفرة، ان المرحلة الايرانية الجديدة تحتاج الى الكثير من الوقت، والشد والرخي، أكان على مستوى الداخل او الخارج، وهذا ما قد يفضي الى المزيد من المرونة في التعاطي الايراني مع العالم العربي، الذي بدأ أكثر استعداداً للتصدي والمواجهة ضد التدخلات الايرانية في دول المنطقة وخصوصاً في لبنان، الذي خيب الرئيس روحاني والوزير ظريف، أمل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، عندما تجاهلا اثارة وزير خارجيته لوزان فابيوس موضوع رئاسة الجمهورية اللبنانية. فهذا الاعتراف الفرنسي بدور طهران بالتركيبة اللبنانية، لم يقابله اصلاحيو طهران باعتراف الحد الادنى من الجميل، والسبب كما هو واضح في بيروت، انه عندما تقرر طهران بيع الورقة اللبنانية في اي وقت، تتوجه الى بورصة نيويورك مباشرة، وليس الى اي سوق مالي آخر…
والأميركي يجيد لعبة اليويو يلقي بكرة اليويو المتصلة بخيط من مطاط، ثم يلتقطها عند الحاجة…