مصيبة هذا البلد مثل مصيبة مجموعة من العميان رزقوا بولد مبصر… بدأوا يتحسّسون عينيه الى أن أصبح، مثلهم، ضريراً.
في كل أزمة نقيم الدنيا ولا نقعدها ثم نقول: لا نعرف كيف بدأت ولا كيف انتهت، هذا إذا انتهت.
على سبيل المثال لا الحصر بقينا طوال سنتين نتحدّث عن النفايات وأصبح كل لبناني خبيراً في البيئة والمال والاقتصاد و… الزبالة، وبعد السنتين عادت الأمور وكأنّ شيئاً لم يكن.
نقول هذا الكلام في مناسبة أنّ الجميع يتحدّث اليوم في موضوع الفساد، والغريب العجيب أنّ قضية الـ11 مليار دولار، التي شبهناها سابقاً بمسمار جحا، أو بحكاية ابريق الزيت، في كل مناسبة يعودون الى الحديث في هذا الملف.
وهنا نتوقف أمام بضع محطات:
أولاً- هناك من يقول: لماذا تحدّث الرئيس فؤاد السنيورة عن موضوع الـ11 ملياراً؟
بكل بساطة لأنّ هذا الموضوع يعود الى السنوات 2006 و2007 عندما كان المجلس النيابي مقفلاً، وكان الرئيس السنيورة في رئاسة الحكومة آنذاك… أي أنّ هذا الكلام بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري وما رافق ذلك من فوضى سياسية عارمة.
ثانياً- يتحدثون عن الـ11 ملياراً وكأنها 11 قرشاً… ولكن الحقيقة أن هذا الرقم كبير في عالم المال، ورقم كبير في المالية اللبنانية، لذلك عندما يكون الكلام على هكذا أرقام لا تجوز الخفة، بل تفترض الدقة المطلقة.
ثالثاً- المال العام، على خزانة الدولة، لا يجوز أن يتحوّل الى متراس في السياسة.
رابعاً- مدير عام المالية آلان بيفاني عيّنه الرئيس إميل لحود بالتفاهم مع وزير المالية انذاك جورج قرم… وكانت الأهداف واضحة: الإنتقام من رفيق الحريري وإرثه الإعماري، فقد كان همّ إميل لحود الوحيد أن يسجن الرئيس رفيق الحريري… ولو كان لدى بيفاني شيء فلماذا انتظر هذه المدة الطويلة ليتحدّث، والرئيس السنيورة لم يقل شيئاً سوى أنّ وزارة المالية ليست صندوقاً للنفقات والموارد، علماً كما قلنا سابقاً ونكرّر اليوم إنّ الحساب الرقم 36 في مصرف لبنان هو ما يتم عبره الإنفاق والموارد أيضاً، فعندما تريد أي وزارة إنفاق مبلغ ما فإنّ مديرية الصرفيات تعطي «شيكاً» على البنك المركزي.
خامساً- نتمنى إذا كان هناك محاسبة أن تكون هناك أيضاً القدرة على محاسبة الجميع من دون أي استثناء… وهنا لا بد من كلمة: نتحداهم أن يكون هناك من يستطيع، في هذه الأيام، من يحاسب «لو كنت أعرف» على الـ15 ملياراً التي تسبّب بخسارتها في الحرب الالهية.
سادساً- وماذا عن التهريب في المطار؟
وعن التهريب في المرفأ؟
وعن التهريب عبر الحدود البرية؟!.
وكم وكم من المليارات لا تصل الى الدولة؟
سابعاً- ماذا عن معامل الكابتاغون وتجارة المخدرات والأسماء معروفة ومن عائلات كريمة؟!.
عوني الكعكي