IMLebanon

«الزبالة» تفضح المستقبل «عجز» و«ارباك» و«مكائد»

يدرك رئيس الحكومة تمام سلام ان «عض» حزب الله على «جرح» قطع طريق الجنوب، وضبط النفس العالي المستوى لالاف الجنوبيين العالقين على الطريق خلال 48ساعة من الزمن الثقيل والصعب، يحتاج الى اكثر من موقف ضمني خافت على تلك الشجاعة والحكمة، لكن «الرسالة» وصلت، والخلاصة ان الحزب حريص على البلد اولا، وعلى الحكومة ثانيا، اكثر بكثير من «التيار الازرق» المفروض ان يكون «ام الصبي» في حماية رئيس الحكومة. وعندما تتصل به ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان، سيغريد كاغ الموجودة في الخارج، داعية إياه الى التريث في الاستقالة، ويطالبه السفير الأميركي في لبنان ديفيد هيل بعدم الإقدام على هذه الخطوة، نظراً الى أخطارها الإضافية على البلد والتي تدفع الى مزيد من الفراغ، ويضطر ايضا السفير السعودي علي عواض العسيري ان ينتقل بنفسه الى السراي الحكومي لابلاغ سلام عدم قدرة المملكة على تحمل خطوة مماثلة في هذا التوقيت غير المناسب، فهذا دليل آخر على ان مشكلة رئيس الحكومة «داخل المنزل» وليست خارجها، فالنيران الصديقة» فعلت فعلها، وشعر رئيس الحكومة «بطعنة» في «الظهر»، جاءته من حيث لم يكن يحتسب.

اوساط سياسية بيروتية مطلعة على ساعات «الوجع» التي مرت على رئيس الحكومة، لفتت الى ان «مشاغبة» رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون، «تزعج» رئيس الحكومة لكنها لم «تخرجه من ثيابه» ويتعامل معها بندية سياسية، متحصنا بموقعه الدستوري وصلاحيات الرئاسة الثالثة، لكن ان تأتي «الخيانة» من «ذووي القربى» فهو امر لا يمكن تحمله او التعايش معه، فالقصة بدأت مع اخلال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بوعده تأمين التغطية اللازمة لتمديد العمل في مطمر الناعمة حتى تتم المناقصات في هذا الملف، لكن خلافه مع تيار المستقبل على «المحاصصة» في ملف النفايات، تقدمت على كل الاولويات، وهو لم يكترث الى تحول رئيس الحكومة الى «كبش محرقة»، ظن ان الحل في «جيبه» يخرجه حين ما يشاء بعد ان يلقن «التيار الازرق» درسا في «البزنس». لكن «الرياح» جرت عكس ما تشتهيه «سفنه»، قرأ الشارع خطأ، وقرأ واقع اقليم الخروب بتداخلاته الحزبية والسكانية خطا، والاهم من كل ذلك لم يحسب جيدا الواقع المتحول لتيار المستقبل في بيئته الحاضنة، فخرجت الامور عن سيطرة الجميع، وكادت تلك الحسابات الخاطئة تكلف «البيك» الكثير، بعد ان هدد قطع طريق الساحل علاقته بحزب الله، وكاد يخسر كل ما بمناه من «جسور ثقة» مع الحزب،اقر بعدها انه فقد قدرته على التأثير في الاقليم، وما يزال يبحث عن من يصدقه!.

عتب سلام على جنبلاط يبقى «نقطة» في «بحر» «غضبه» من تيار المستقبل، لماذا؟ ببساطة لانه اكتشف متأخرا ان «التيار الازرق» «فارط»، هذا التوصيف» العامي» اقل ما يقال في توصيف الساعات العصيبة التي امضاها رئيس الحكومة محاولا الوصول الى «جملة مفيدة» من قيادات الداخل والخارج حول طبيعة ما يدور على الارض من حراك وفوضى منظمة تستهدف سلام بشخصه، ورئاسة الحكومة كـ «موقع»، الرئيس سعد الحريري غاب لفترة عن «السمع»، التواصل مع نادر الحريري لم يقدم اجوبة شافية، الرئيس فؤاد السنيورة بدا مهتما اكثر بتصفية الحسابات مع جنبلاط، امين عام تيار المستقبل احمد الحريري فجأة اكتشف انه لم يعد يمون حتى على رئيس بلدية برجا المحسوب عليه، طبعا وجد ايضا صعوبة في ايجاد من يصدقه، وزير الداخلية نهاد المشنوق كان «مكبلا» في حركته وهو يدرك ان «صوفته حمراء» مع الشارع «المستقبلي» ولم تكن تنقصه اي «دعسة ناقصة» تؤدي الى خسارته ما تبقى من رصيده السياسي، اما وزير العدل اشرف ريفي فنأى بنفسه عن تلك الازمة باعتبارا نه سيكون اول المستفيدين من صراع منافسيه داخل التيار، باعتبار ان «المبارزة» تحصل خارج «ملعبه».

هكذا وجد سلام، خريج «مدرسة الاوادم»، نفسه وحيدا في مواجهة تلامذة «كلية» «حيتان المال»، كما تقول تلك الاوساط، فتنقل عمليات قطع الطرقات من منطقة الى اخرى، ومعظمها محسوب على تيار المستقبل، اعاد الى اذهان فريق عمل رئيس الحكومة تجربة الرئيس الراحل عمر كرامي حين تم تدبير «مؤامرة» في «ليل» وتم اسقاط حكومته بما اصطلح على تسميته «ثورة الدواليب»، لكن لماذا «اهل البيت» يريدون اسقاطه في الشارع؟ هل هكذا تتم مكافئته على تحمل المسؤولية في احلك الظروف؟ وهل يظن احد انه متمسك «بكرة النار» التي تستنزف من رصيده وتاريخه وتاريخ والده؟ واذا كانت ثمة تسوية قد نضجت فلماذا يريد البعض ان يكون اخراجه من السرايا «بفضيحة»؟ وهل يدرك «المتكالبون» على رئاسة الحكومة ان الانهيار بهذه الطريقة يقود الى الفوضى وليس الى حكومة جديدة؟

كل هذه الاسئلة، دارت في خلد رئيس الحكومة خلال تلك اللحظات العصيبة، طبعا تم تسييلها باتصالات مع مراكز القوى المحلية والخارجية، فثمة مسؤولية كبيرة يتحملها الرئيس سلام وليس من الرجالات الذين يتخلون عن مهماتهم الوطنية بسهولة،

وفي هذا السياق حرص السفير الاميركي على ابداء قلقه من الخطوة معتبراً أنها تهدد الحد الأدنى من التماسك الداخلي معرباً عن قلقه من أن تغيب ضوابط الأزمة الموجودة حالياً وتنقل البلد الى أخطار جديدة. وفي السياق نفسه جاء العسيري موضحا لسلام ان المملكة لم تتخل عن دعمها له ولقيادته «الحكيمة»، واي كلام مخالف لهذا الامر ليس الا محض «افتراء» ولا يتصل بالواقع بصلة. اذا اين تكمن المشكلة؟

عود على بدء، «الداء» يكمن في تيار المستقبل، السفير السعودي اقر ضمنا بذلك، ووعد ببذل المزيد من الجهود لوقف هذا التدهور المتواصل في اداء قيادات «التيار الازرق»، فالجرعة الاخيرة لدى استدعائهم الى المملكة يبدو انها لم تكن كافية، واللقاءات مع الرئيس سعد الحريري لم تترجم على الارض بشكل جدي، واذا كان من ترى فيه الرياض «العصب» الحقيقي المحرك للتيار في لبنان احمد الحريري قد عجز عن ضبط ابناء الاقليم وهم على بعد «مرمى حجر» من مركز عمله» في صيدا، فهذا يعني ان الخلل كبير وينبغي اصلاحه بصورة عاجلة قبل ان يصبح «المستقبل» خارج الخدمة كليا، وغير مؤهل لمواكبة التطورات المتسارعة في المنطقة. فهل باتت عودة الحريري اكثر من ضرورية الى البلاد بعد ان ثبت «بالوجه الشرعي» فشل ادارته الامور «بالريموت كنترول» ؟

طبعا هذا الامر بات اكثر من وارد، وثمة كلام جدي في «اروقة» المستقبل حول حتمية هذا الامر، لكن المعضلة الرئيسية تكمن في ان هذه العودة كان يجب ان تقترن بدخوله مباشرة الى السراي الحكومية، لكن على ما يبدو فان عودة العملية السياسية في لبنان الى مسارها الطبيعي، بانتخاب رئيس للجمهورية، قد يطول أشهراً، لأن الوضع الإقليمي والدولي لم يتبلور بعد، وبالتالي فإن العودة الان محفوفة بالمخاطر السياسية ليس اقلها غياب «عدة الشغل» التي تسمح للحريري بشد عصب شارعه مجددا وحل الخلافات المستعصية بين القيادات «الزرقاء» التي لم يتوان بعضها عن القول صراحة ان زعيم المستقبل يريد منها النجاح في ادارة «تفليسة» يتحمل هو المسؤولية عنها، ويريد تحميل وزرها لغيره، فاذا كان يملك الحلول للمأزق الراهن، فما عليه الا العودة وتحمل مسؤولية «كرة النار» المتدحرجة التي تركها وراءه ورحل…..وتبقى «استقالة» سلام معلقة الى حين، ولكن لا ضمانة بقدرة الرجل على التحمل، ولا يبقى امام هذا الفريق الا الاستمرار «بالهروب الى الامام» عبر تعليق فشله على «شماعة» «الجنرال»..