«أنتم، اللبنانيين، ضائعون بعدما بلغ اليأس بكم حدود الكفر في كل شيء، وأيضاً في الدول التي كانت مصنّفة في بلدكم أنها صديقة، فكم بالحري إذا كانت توصَف، في قاموسكم بالأم الحنون».
هكذا استهل سفير دولة شرقية، معتَمَد لدى لبنان، كلامه أمام مرجعية غير زمنية، ليستأذنها بأن يخلع القفازات ويتحدث بالصراحة التي تعهدونها في كلامي عندما تعطونني «نعمة» اللقاء بكم. وأوضح: اسمحوا لي أن أقول إن المسؤولين والطاقم السياسي في بلدكم «أساتذة متفوٍقون» في تفويت الفرص وكذلك في اختراع الذرائع للتهرب من المسؤولية. فهل مَن يُنكر أنكم تأخرتم كثيراً في المسألتين اللتين تشغلانكم كباراً وصغاراً، في هذه الأيام، ألا وهما التنقيب عن الغاز والنفط، ومواجهة خطر النزوح السوري، ولا بأس في أنكم بدأتم تتعاملون معهما ولو متأخرين جداً، فمن الآن الى أن تتوصلوا الى بدء استثمار الثروة المهمة في باطن الأرض تحت مياهكم الاقتصادية تكون هذه الثروة قد تراجعت أهميتها خصوصاً في عالمٍ يسعى بجدّية قصوى وراء الطاقة البديلة – النظيفة. وأما مسألة النزوح التي هي «أزمة وجود ومصير حقيقية» فقد أدّت خلافاتكم في شأنها الى تفاقمها، بينما الاستحقاق الرئاسي فلا يعرف المنجّمون متى يدخل الفارس المنتظَر قصر بعبدا. أقول هذا بعيداً عن التأمل في شؤونكم الداخلية والسيادية إنما من حرصي على لبنان الذي يجهل الكثيرون عندكم أهميته، ومن دون الدخول في مَن يتحمل المسؤولية كلّياً ومَن يتحملها جزئياً، فهذا ليس من شأني ولا هو في التقاليد الديبلوماسية. وأضاف: أود أن ألفت عنايتكم يا (…) إلى أن الجدّية مفتَقَدة لدى البعض من السياسيين الذين التقيتهم في بلدكم الجميل في مناسبات عديدة، فإذا بهم يؤثرون المظاهر والمبالغات، ويتجاهلون أحوال البلاد والعباد، حتى ليُخيّل للمستمع إليهم أنهم في عالم آخر، فبعضهم يتحدث عن الولايات المتحدة وكأنه المستشار الأول في البيت الأبيض، وثانٍ يذكر إيمانويل ماكرون وكأنه نديمه، وثالث يكاد أن يعلن مشاركته فلاديمير بوتين الغطسَ في المياه تحت الجليد، ومرّةً لم أعد أتحمل المزيد فقلت لبعضهم «الذي زادها كثيراً»: لماذا لا توظف علاقتك مع تجو بايدن لحلّ ولو واحدة من أزمات بلدكم الخانقة؟
وختم السفير الأوروبي الشرقي: أمثال هؤلاء كثر، وهم يتجاهلون ان سمك النفط والغاز لا يزال في البحر، أمّا دبّ النزوح فيكاد أن يأكل عنب الكرم كلّه!