لم تحل أزمة تسليم البنزين من منشآت النفط في الزهراني أمس، بخلاف ما وعدت به إدارة منشآت النفط ونقابات أصحاب المحطات والصهاريج. بعد تمنع منشآت الزهراني عن تسليم البنزين الثلاثاء وتأجيلها إلى يوم أمس، لم تسلم سوى 20 في المئة من المليوني ليتر التي وعدت بها الشركات وأصحاب المحطات والصهاريج. عدد ممن انتظر أمس أمام المنشآت في الزهراني تحدث لـ»الأخبار» عن توزيع العشرين في المئة على المحسوبيات والمحظيين. «كان يفترض بأن تحصل كل شركة توزيع على صهريجين أو ثلاثة. لكن الشركات غير المحظية حصلت على صهريح واحد، فيما حسم من حمولة بعض الموزعين حوالى 5 آلاف ليتر لتحويلها إلى أشخاص نافذين يبيعون البنزين بالسوق السوداء».
مصادر في المنشآت لفتت إلى أن الإدارة «لن تسلم اليوم البنزين وستحدد برنامجاً للتسليم لثلاثة أيام أسبوعياً». لماذا هذا التقنين بالتسليم برغم إفراغ البواخر لحمولتها في ظل نفاد البنزين في كثير من المحطات؟ المصادر رجحت أن مصرف لبنان طلب من المنشآت إبطاء تسليم المحروقات لكي لا تستنفد الشركات رصيد الدولار المتوافر في البنك المركزي لزوم دفع ثمن المحروقات.
على صعيد متصل، وفي خطوة لافتة، قررت المديرة العامة للنفط والمكلفة بإدارة منشآت النفط، أورور الفغالي، فرض كفالات مصرفية كشرط أساسي لتسليم المحروقات من منشآت النفط الى التجار «لضمان تحصيل الشيكات المصرفية التي تسلمها الشركات للمنشآت». واعتبرت الخطوة سابقة من نوعها، لما فيها من تشكيك في الملاءة المصرفية وفي قوة إبراء الشيكات المصرفية، كما من شأنها زيادة الكلفة وتعقيد الاجراءات، علماً بأن إجراء الفغالي غير مسند الى أي نص قانوني ويؤدي الى زيادة الاعباء على صغار التجار لصالح الكبار منهم. ووفق مصدر معني في الوزارة، يؤدي الإجراء على المدى الطويل «الى اضطرار صغار التجار للتوقف عن سحب الكميات المخصصة لهم من مادة البنزين بسبب عدم قدرتهم على تأمين الكفالة غير الواجبة قانوناً، ولا سيما أن الاسباب الموجبة لفرض كفالة مصرفية من قبل ادارة عامة أومؤسسة عامة أو أي شخص من أشخاص القانون العام هي لضمان تنفيذ موجِبٍ ما يقع على عاتق الطرف الآخر المتعاقد مع أشخاص القانون العام.
الفغالي تفرض على التجار تأمين كفالات مصرفية قبل تسلّم المحروقات من منشآت النفط
و هذا الموجِب غير متوفر في حالة شراء مادة البنزين، ما دامت الشركة المسموح لها بسحب كميات تدفع الثمن قبل التسليم إما نقداً أو بواسطة شيكات مصرفية، فضلاً عن أن قرار السماح بسحب حصة معينة من مادة البنزين هو عمل إداري منفرد وليس عقداً ادارياً في إطار تنفيذ صفقة معينة».
لكن هل يحق للمديرية العامة للنفط اتخاذ إجراء كهذا؟ بحسب المصدر، فإن «المنشآت النفطية لها صفة المؤسسة العامة باعتبار أن المديرية هي من تتولى إدارتها وفقاً للمرسوم الاشتراعي الرقم ١٩٧٧/٧٩ وتخضع لرقابة ديوان المحاسبة المؤخرة. كما أن الاموال الناتجة عن عمليات بيع وشراء النفط الخام لها صفة الاموال العمومية. من هنا، لا يحق لإدارة المنشآت أن تتخذ أي إجراء غير مسند الي أي نص عام أو خاص كما هو الحال بالنسبة إلى فرض كفالة مصرفية غير واجبة، كما أن الاصول المعمول بها في التجارة والصناعة لا تبرر هذا الإجراء.