إرتفاع أسعار المحروقات في سوريا عامل محرّك للتهريب
فجأة، منذ أسبوعين وبعد التشدّد على أصحاب محطات المحروقات والموزعين من مديرية حماية المستهلك، في الكشف عن أولئك الذين يخزنون مادة البنزين ويتسببون بندرة هذه المادة في الأسواق، “فاض الخير” وبات بعض المحطات يسمح بتخطي الـ20 ليتراً لكل سيارة. ماذا حصل؟
ثلاثة عوامل تقف وراء توفّر البنزين في الأسواق: أولاً قدوم عدد من بواخر المحروقات التي فُتِحت لها اعتمادات، وصودف أن وصلت كلها في الوقت نفسه، وثانياً، الحدّ من عمليات التهريب الى حدّ ما كما أكّد أحد الموزّعين وصاحب محطة محروقات لـ”نداء الوطن”، أما السبب الثالث فهو استعادة مصفاة بانياس لتكرير النفط في سوريا عملها، بعدما كانت متوقفة لفترة من الزمن.
في هذا السياق، وفي حال فُتِحت الإعتمادات ورست البواخر بشكل دوري في المياه اللبنانية، وتوقف المحتكرون والمهرّبون عن تخزين المادة، فالمازوت والبنزين سيتوفّران بشكل طبيعي في الأسواق.
إلا أن واقعة مستجدة طرأت في اليومين الماضيين، ستكون لها آثار سلبية على توفّر المحروقات، هي إقدام الحكومة السورية على رفع سعر ليتر البنزين المدعوم من 250 الى 450 ليرة سورية وغير المدعوم من 450 الى 650 ليرة سورية. ويعود سبب هذا القرار، كما أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، “الى التكاليف الكبيرة التي تتحملها الحكومة لتأمين المشتقات النفطية وارتفاع أجور الشحن والنقل في ظل الحصار المفروض على سوريا وشعبها”. وفي عملية حسابية بسيطة، يكون سعر صفيحة البنزين السورية غير المدعومة ارتفع الى 13،000 ليرة سورية أي ما يعادل 5.4 دولارات أو 39000 ليرة لبنانية (على أساس سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية عند 7200 ليرة) أي بزيادة نحو 14،500 ليرة لبنانية عن سعر صفيحة البنزين في لبنان والتي تبلغ نحو 24،500 ليرة لبنانية. هذا بعد رفع الدعم فكيف بالحري قبل الدعم حيث كانت الأرباح أعلى بكثير لأصحاب المحطات والموزّعين الذي يهرّبون مادة المحروقات الى سوريا. فاليوم وبعد زيادة سعر البنزين 200 ليرة سورية لا يزال المهّربون يحقّقون ربحاً إضافياً بنسبة 37% عن كل صفيحة بنزين.
أما بالنسبة الى البنزين المدعوم في سوريا فقد ارتفعت الصفيحة الى 9000 ليرة سورية ليصبح سعرها في سوريا 3.72 دولارات أي ما يعادل نحو27000 ليرة لبنانية. واذا ما قارناها مع السوق اللبناني يكون سعر 20 ليتراً من البنزين أغلى بـ2300 ليرة على اساس سعر صرف الدولار 7200 ليرة لبنانية.
والزيادة الكبيرة حصلت في سعر المازوت الصناعي والتجاري غير المدعوم الذي ارتفع في سوريا الى اكثر من 100% من 296 إلى 650 ليرة سورية مسجلاً زيادة بقيمة 13000 ليرة سورية أو 5.37 دولارات، اي ما يعادل 38700 ليرة لبنانية على اساس سعر الصرف 7200 ليرة لبنانية.
اذاً وفق تلك المعادلة، تؤكّد مصادر مطلعة أن رفع سعر البنزين في سوريا من شأنه أن يشكّل محفّزاً ليستعر التهريب الذي لم يستكن أبداً بل فقط تقلّص، كما يقول البعض، علماً أن مئات الصهاريج المحمّلة بالبنزين كانت تغادر الأراضي اللبنانية من معابر عدّة في البقاع الشمالي إلى الأراضي السورية وعلى عينك يا تاجر، حيث كان يتم بيع صفيحة البنزين بما يعادل 65 ألف ليرة لبنانية. وبذلك تكون الأرباح لبائع البنزين المهرّب أعلى بكثير مما ذكرناها سابقاً.
تأثير رفع الدعم
لكن ماذا لو رفع الدعم في لبنان عن البنزين والمازوت؟
في تلك الحالة سترتفع صفيحة البنزين أقلّه الى 70 الف ليرة لبنانية، ما سينعكس زيادة على أسعار بعض المواد الإستهلاكية والغذائية في البلاد.
ويقول رئيس نقابة أصحاب السوبرماركات نبيل فهد لـ”نداء الوطن” إن “كلفة توزيع البضاعة وتوليد الكهرباء من إجمالي سعر السلعة الغذائية تشكّل نسبة 5% وقد تصل الى 10% وهي ليست بالمبلغ الكبير”. كما أكّد، لافتاً الى أن “أسعار السلع تتأثر اذا ما رفع الدعم عن مادة المازوت التي تستخدمها المصانع والمعامل للانتاج والشاحنات لنقل البضائع”.
ويضيف: “لكن في ظلّ الأوضاع الصعبة التي نعيشها وضعف الطلب على شراء السلع الإستهلاكية، قد تزيد الأسعار لبعض السلع، خصوصاً تلك التي لا يوجد طلب كبير عليها، علماً أن مصلحة المورّدين لا تقضي بزيادة أسعارها بل بيعها والتخلّص منها، خصوصاً تلك التي تكون مدة صلاحيتها لفترة زمنية قصيرة”.
اذاً، وفي ظلّ الإستقرار الآني للأوضاع والتهدئة ولو ظاهرياً، الدولار على الـ7200 ليرة، والبنزين متوفّر، والتكليف حصل على أمل التشكيل، فإن التهريب سيتفاقم قريباً وتنشط الشاحنات التي تقدّر بالمئات التي تعبر الحدود مع ارتفاع اسعار المحروقات لدى “جيراننا”… إلا اذا!