IMLebanon

«أبواب جهنّم» بين حزب الله وعرسال..

كفى الله لبنان شرّ حزب الله وإصراره على إيقاد نيران حربٍ مذهبيّة لا تُبقي ولا تَذر، وقد سبقت التجربة بتعليمنا أنّ انتشار الجيش اللبناني في أي منطقة لا يُردّ حزب الله عن غيّه وأنّه متى اندلعت الاشتباكات اضطر الجيش إلى الانسحاب حتى لا يبقى بين ناريْن، ومن قرأ بالأمس بيان كتلة نواب حزب الله أدرك أن لا فائدة لا من طرح ملفّ عرسال على طاولة مجلس الوزراء، ولا دخول الجيش إلى مدينة عرسال، ولا وضع وزير الداخليّة نهاد المشنوق الأمور في نصابها ومواجهته الذين رفضوا تنظيم وضع مخيمات اللاجئين السوريين خصوصاً في عرسال عندما طَرحَ الأمر منذ أشهر ستة، ولا كشفه بالأمس حقيقة الـ»تهويلات» التي يروّج لها أمين عام حزب الله وجماعته، والادّعاء بأن المسلحين في جرود عرسال باتوا بالآلاف، كاشفاً أنّ «عدد المسلحين الذي انسحبوا باتجاه جرود عرسال لا يتجاوز عدد أصابع اليدين»…

وبرأينا؛ أيضاً لن تُجدي  نفعاً التحذيرات التي لفت الوزير نهاد المشنوق إليها وزير حزب الله حسين الحاج حسن خلال جلسة الحكومة بالأمس بأنّ «تهديد عرسال يورط لبنان في الحريق المذهبيّ الذي يأكل أخضر المنطقة ويابسها»، حزب الله مأزوم وواقع في مأزق لن يخرج منه أبداً، فبعد كلّ الذين أرسلهم الحزب إلى الموت دفاعاً عن المشروع الإيراني الذي يتعرّض لانهيار كبير في المنطقة، وبعد كلّ التهليل والتطبيل لمبادئ اتفاق بين المجموعة الدولية وإيران، ويُدرك حزب الله أنّ إيران نفسها مأزومة لأنّها توقع على نهايتها في العبث بالمنطقة بعد اثني عشر عاماً منذ سقوط العراق عام 2003 دفعت فيها من المليارات مما أفلس خزينتها بدءاً من لبنان إلى غزة إلى سوريا إلى العراق إلى البحرين انتهاء باليمن، إيران نفسها عالقة في نقطة اللاعودة، فهذا النوع من الأنظمة المتوحشة لا تعيش إلا على الأكاذيب واختراع الأعداء الكبار، لذا المعركة مقبلة لا محالة، وحزب الله سيغرق في الوحل اللبناني بعد الوحل السوري، في لحظة يُدرك فيها جيداً أنّ موازين ورياح المنطقة لم تعد تجري لصالحه.

هذا الكلام لا يحتاج إلى براهين كثيرة، فبالأمس صدّرت كتلة نواب حزب الله بيانها بإعلانها أنّ «التصدي لخطر المجموعات الإرهابية التي تتخذ من عرسال مقراً لها هو واجب وطني على الجميع، ولا يحتمل أي تقصير والحكومة مسؤولة عن القيام بواجباتها في هذا الصدد»!! هذا الحديث عن «الواجب الوطني» ليس إلا لذرّ الرّماد في العيون، ولكن؛ وبصرف النّظر عن هذه المغامرة المميتة التي ينوي حزب الله الإقدام عليها مهما كلّفت لبنان، علينا أنّ نظلّ متيقنين أنّ السّحر لا بُدّ سينقلب على السّاحر، وعندها سيدفع حزب الله وحده مع جمهوره ثمن هذه المغامرة، وربّما علينا هنا تذكير «دويلة» حزب الله بأنّها بلغت ذروة قوّتها وأنّ خطّ «وجودها» البياني آخذ في الانهيار سريعاً، وبأسرع ممّا قد يتصوّر أهل الأجندة الإيرانيّة القاتلة!!

لن يجد حزب الله إذا ما خاض حرباً على بلدة عرسال من يرثي قتلاه ومن يرثيه لاحقاً، فكل الإمبراطوريات عندما بلغت مرحلة فائض قوتها بدأت بالتحلل والانهيار، من إمبراطوريّة روما إلى زمن الأندلس العربي الذي عاش ثمانية قرون، ونستعير من رثاء  أبو البقاء الرندي للأندلس: «لكل شيء إذا مـا تمّ نـقـصان/ فـلا يُغَرُّ بطيب العيش إنسانُ/ الأمـور كما شاهدتْها دُوَلٌ هيَ/ مـن سرَّه زمـنٌ ساءتْه أزمانُ/ وهذه الـدّار لا تُبقي على أحدٍ/ ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ»…