لم تكن جلسة المجلس النيابي ضرورية. كان يمكن تفاديها لولا شكليات الإحترام الفارغ لموقع الرئاسة. لكن هذا الاحترام يغيب قسراً عندما يتعلق الأمر برئاسة أخرى هي رئاسة الحكومة.
رئاسة مجلس النواب التي تستمر في ضمان موقعها واحترامها منذ نحو ثلث قرن هي الأكثر ثقة بعدم تعرضها للإهتزاز، فيما رئاسة الجمهورية ضمن موازين المرحلة تحتاج الى مازوت إيراني ينفح فيها الحياة، ورئاسة مجلس الوزراء تتحول طابة لعب بين ثنائي وتابعه الثالث. كان الاجدى بنواب “الزعماء” السبعة الذين يحكمون البلد بموجب نظرية الأوعية المتصلة، أن يتوزعوا أمس على محطات البنزين والأفران ويُرسَلْ بعضهم لمواكبة عمليات دهم المستودعات، ونخبة أخرى لمراقبة الحدود ومنع قوافل التهريب. ولو قام هؤلاء بهذه المهمة لكانوا اكتشفوا عن قرب الذل الذي يعانيه ناخبوهم، واطلعوا على حال الطرقات والاوتوسترادات وتنعموا اخيراً بنصف تنكة من المحروقات.
ولو تابع نواب زعماء الطوائف السبعة مداهمات مستودعات التخزين وقوافل التهريب لكانوا عادوا بدروسٍ وعبر يطرحونها امام مؤسستهم ليبنى على الشيء مقتضاه كما يكرر فيلسوفهم التاريخي. لكنهم لم يقوموا بالواجب. جاؤوا مبتسمين الى مقر الاونيسكو وكلهم يعلم بالنتيجة المرسومة سلفاً التي لا تُسْمِن ولا تغني عن جوع. وكان الطفل في اقصى بلاد البنزين المقطوع يتوقعها: الاسراع في تشكيل الحكومة الخ الخ…لم تعد جلسات المجلس مجدية. هي صارت فولكلوراً منذ زمن التعيينات والتعديلات المفروضة، والاجدى ان يلتقي زعماء الكتل في لويا جيرغا لبنان لقول آرائهم بصراحة، قبل ان يتولى “طالبان” لبنان مهمة كَنْس الجميع وفرض رؤيتهم وبنزينهم ومازوتهم وغازهم وخبزهم وادويتهم…
هذا احتمال في كل حال، واذا ما استمر تدجين الناس والفئات والقوى تحت مسمى البحث في تشكيل الحكومة، فلا عجب، بعد ما سمعناه في لقاء سيّد نفسه، اذا تحول الاحتمال الى حقيقة.