لبنان يستفيد من إنهاء الحرب ومسار حل مشكلته مع إسرائيل مختلف
يترقب اللبنانيون بكثير من الحذر، ان تؤدي المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة اميركية ومصرية وقطرية، الى الاتفاق على وقف مؤقت او نهائي لاطلاق النار للحرب الإسرائيلية العدوانية الجارية على قطاع غزّة منذ عملية طوفان الاقصى، باعتبارها تبدد المخاوف من توسع رقعة الاشتباكات بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، وتحولها الى حرب شاملة، على ان تؤدي فيما بعد إلى وقف الاشتباكات المسلحة بين الطرفين، وتهدئة الاوضاع واتاحة المجال امام تفعيل الاتصالات والمشاورات السياسية والديبلوماسية، للتوصل إلى حل المشكلة على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل.
ولكن برغم كل الامال والتوقعات بامكانية تأثر الوضع في جنوب لبنان ايجابا، جراء توقف الحرب الإسرائيلية على غزّة، تبقى الأسئلة التي تدور في الاذهان، عن مدى سلوك مسار التهدئة ذاته الذي يسري في غزّة، على الحدود اللبنانية الجنوبية وبالتوقيت نفسه، ام انه يسلك مسارا مختلفا كليا؟
استنادا إلى مواقف حزب الله التي كررها أكثر من مرة، منذ اعلانه فتح جبهة الجنوب اللبناني تحت عنوان التضامن مع غزّة واشغال قسم كبير من قوات الاحتلال الاسرائيلي عن المشاركة في الحرب العدوانية ضد الفلسطينيين، يمكن توقع انسحاب اي اتفاق لوقف الحرب في غزة، على الاوضاع في جنوب لبنان، كما حصل خلال اتفاق التهدئة السابق الذي حصل بين حركة حماس وإسرائيل، وان يكن مسار التوصل إلى اتفاق دائم بين الحزب وإسرائيل، قد ياخذ منحى مغايرا، عما يحصل في غزّة، لاختلاف المكان والظرف، وقد يأخذ مسارا اقل تعقيدا، او أطول مما يتوقعه البعض.
وما يعزز التوقعات بايجابية وقف النار بغزة على الجنوب اللبناني، رغبة حزب الله وإسرائيل، بالاستمرار في حصر الاشتباكات المسلحة ضمن حدود معينة، برغم كل الاختراقات التي ارتكبتها إسرائيل بتنفيذ اعتداءات وحوادث اغتيال خارجها، في الداخل اللبناني، بعيدا عن مناطق الاشتباكات الدائرة على جانبي الحدود الجنوبية، وعدم الانجرار الى الحرب الواسعة والشاملة بين الطرفين، بالرغم من كل التهديدات والتحضيرات الإسرائيلية بهذا الخصوص.
هذه الرغبة بعدم الانجرار الى توسعة نطاق الاشتباكات المسلحة الدائرة بين الحزب وإسرائيل، وانخراط الجانبين في المساعي والجهود الديبلوماسية الدولية المتواصلة، بشكل غير مباشر لحل مشكلة الاشتباكات المسلحة على جانبي الحدود الجنوبية، تؤشر إلى استغلال الطرفين لأي وقف لإطلاق النار في غزة، لتهدئة الاوضاع المتدهورة في جنوب لبنان، والبحث في انهاء التصعيد العسكري الحاصل وارساء السلم في المنطقة، برغم كل التهديدات الإسرائيلية المتواصلة بشن عملية واسعة ضد حزب الله، لتغيير الوضع السائد هناك بالقوة، باعتبار ان مثل هذه التهديدات انما تهدف لتحسين شروط التفاوض، في ضوء المساعي المتواصلة التي يبذلها المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين منذ اشهر، لهذه الغاية، وقد قطع شوطا لا بأس به باتجاه التوصل إلى تفاهم لانهاء الاشتباكات والتوتر المتصاعد جنوبا، وقد يكون اتفاق وقف النار في غزة، عاملا مؤثرا وحاسما باتجاه التوصل إلى التفاهم المطلوب.