IMLebanon

ما فوق الإجرام

 

 

فلتسقط الكلمات، ولتتوارَ المعاني، وليتنحَّ المنطق، ولتنتحر العدالة تحت أشلاء الأطفال.

كل ما نكتبه هراء، وما نتفوه به سفسطة، وما تتغرغر به الحناجر كذب ونفاق.

الديموقراطية كذبة. الأخوّة كذبة. الحقوق مزاح ثقيل. القوانين وهم. أمّا العدالة فهي النفاق الأكبر.

فلماذا نكتب؟ ولماذا نتكلم؟ ولماذا الصحافة والتلفزة ووسائط الإعلام كلها؟

لماذا الرئاسات والقيادات والمراكز والمواقع؟

 

لماذا مجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، والمؤتمر الإسلامي، والاتحاد الأوروبي… ومثيلاتها في مختلف أنحاء هذا العالم؟

 

لماذا مونتسكيو، وروسّو، وسقراط، وأفلاطون، والفارابي، وابن سينا؟

 

لماذا الدور والقصور؟ والكهوف ومضارب الشعر والأكواخ؟

 

لماذا الكتابة والقراءة؟ لماذا النثر والشعر؟

 

لماذا، ولماذا، ولماذا؟!.

 

لقد أسقطت غزة ذلك كله؟ فكل قطرة دم أريقت من أطفال غزة أكثر بلاغةً من ملايين الصفحات، وكل حرقة قلب أمٍّ غزّاوية أشد عدالة من قوانين الأرض وقصور عدلها.

 

أجل! فالمنظرون والمتفلسفون والحكام أسقطتهم غزة كلهم، ليبدو هذا العالم على حقيقته البشعة، ولينبثق، من الألم، الواقع كما هو، فإذا العالم مسرح كبير للوحوش الضارية.

 

عفواً، فحتى ترويسة هذه الزاوية سقطت… فليس ثمة، بعد،  «شروق وغروب»، إذ هناك فقط غروب، بل ظلام فظلام فظلام.