الحرب هي نزاع مسلح بين دولتين او اكثر او بين دولة وكيانات سياسية تهدف الى اعادة تنظيم الجغرافيا السياسية للحصول على نتائج لم تكن ممكنة عن طريق السلم.
ولا تقتصر الحرب على الجنس البشري ذلك ان النمل ايضا يدخل في صراعات داخلية هائلة تستحق ان توصف بأنها حرب. وكذلك حيوان الشمبانزي.
لم يتفق البشر على منع الحرب فيما بينهم وانما اتفقوا على مجموعة قواعد مبدئية تحدد ما يمكن وما لا يمكن فعله خلال النزاع المسلح. لهذا اتفقوا على تأسيس القانون الدولي الإنساني الذي ينطوي على مجموعة قواعد الحرب. وتعتبر اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية جوهر هذا القانون وأساسه.
يعتبر القانون الدولي الإنساني أو القانون في الحرب JUS IN BELLO القانون الذي يحكم طريقة سير الحرب وهو يتميز بطابع انساني محض لأنه يهدف الى الحد من المعاناة الناجمة عن الحرب وذلك بمعزل عن اسبابها او مبرراتها ولا يمنع نشؤوها.
لقد جاء في المادة «51» من البروتوكولين الإضافيين انه تحظر الهجمات العشوائية على منطقة تضم مدنيين الى جانب عسكريين، ويجب التمييز بين الأهداف المشروع استهدافها وتلك الغير مسموح استهدافها استنادا الى «مبدأ التمييز» الذي يعد من المبادىء العامة في القانون الدولي الإنساني.
اضافة لمبدأ التمييز على الأطراف المتحاربة ان تراعي مبدأ آخر هو «مبدأ التناسب» أي ان لا تتجاوز شدة الأعمال الحربية الأهداف المقصودة.
اذا وقع القصف دون مراعاة هذين المبدأين يعد جريمة حرب وفقا لتعريف اتفاقيات جنيف والنظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية.
بيد ان قانون الحرب لم ينص على موضوع الهدنة او وقف اطلاق النار التي تعتبر نوعا من المعاهدة تهدف الى وقف الأعمال العدائية خلال الحرب لفترة محددة او بشكل نهائي، لكنها لا تعتبر انهاء للحرب وانما فقط لوقف القتل لمدة زمنية محددة. لذلك لا تعتبر سلاما جزئيا او مؤقتا وانما هي وقف مؤقت للعمليات العسكرية. لكن الهدنة اكتسبت في بعض الأحيان اهمية اكبر لأنها كانت تمهد لإتفاقية سلام.
من المعتقد ان اول تقنين لموضوع الهدنة ورد في اتفاقية لاهاي بتاريخ 18/10/1907 وعنوانها: «اللائحة المتعلقة بقوانين واعراف الحرب البرية» وقد ورد في المواد «36» وما يليها من هذه الإتفاقية أن الهدنة تعلق عمليات الحرب باتفاق متبادل بين الأطراف المتحاربة. ويجوز لأطراف النزاع عند عدم تحديد مدة الهدنة استئناف العمليات في اي وقت شريطة اعلام العدو.
المادتان «40 و41» من معاهدة لاهاي تعتبران أن كل انتهاك جسيم لإتفاق الهدنة من قبل احد الأطراف يعطي الآخر الحق باعتبارها منتهية واستئناف الأعمال العدائبة. وان خرق شروط الهدنة اراديا يعطي الحق بالمطالبة بمعاقبة المخالفين ودفع التعويض.
بموجب قانون الحرب البرية للجيش الأميركي «1956» الهدنة يطلبها احد الأطراف المتحاربة واذا لم يتفق على مدتها فانها تبقى سارية الى ان يخرقها احد الأطراف. ومن المستحب ان يتم الإتفاق في متن الهدنة على منطقة حرام تسمى « NO MAN’S LAND» لتجنب حوادث قد تنتج عن اهمال تؤدي الى استئناف القتال .
إن اتفاق الهدنة لا يحدد ما هي الأعمال المحظورة، لكن من المتفق عليه ان على احد الأطراف تجنب ما يثير غضب الآخر والا اعتبر الغضب عملا محظورا يشكل انتهاكا للهدنة.
وأخيرا ليس من سبب يوجب الإتفاق على الهدنة والأمر متروك للطرف الذي يطلب وقف النار ان يعين سببا كالأعياد او نقل الجرحى او اي سبب انساني آخر.
اذا كان قدر البشر ان لا يتفقوا على منع الحرب فيما بينهم فهم على الأقل اتفقوا على تنظيم هذه الحرب.
* مدعي عام التمييز سابقاً