IMLebanon

لا مهرب لنتانياهو من وقف إطلاق النار

 

فشل مخطط تحويل غزة إلى ضفة ثانية

 

بعد نحو شهرين ونصف الشهر على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وأكثر من شهر ونصف الشهر على العملية البرية، يمكن الجزم بأنه باستثناء القتل والتدمير والتهجير والإيذاء، لم تتمكن حكومة التطرف الإسرائيلي من تحقيق أي إنجاز نوعي، وحتى يمكن وصف هذه الحملة العسكرية بـ”صفر إنجازات”.

 

هذه ليست خلاصة حركة “حماس” وحدها بل إن متابعين لما يجري على الأرض عن كثب من فصائل فلسطينية وسياسيين وإعلاميين، يذهبون الى ان ليس أمام حكومة التطرف للاحتلال وجيشها سوى التوصل الى وقف لإطلاق النار من دون استبعاد التوصل قبل ذلك الى هدنة أو أكثر لتمرير صفقة أسرى سوف تأتي لصالح “حماس” التي تطالب بسجناء نوعيين قد يكون ذلك على طريق الحل الشامل قبل الاتفاق، بموافقة “حماس”، على ما بعد عملية “طوفان الأقصى”.

 

 

شعبية الحركة

 

 

لجهة الفلسطينيين، ما يأتي من غزة يؤكد أن شعبية “حماس” ما زالت كبيرة في غزة ولو بعد كل هذه المأساة وبات الأمر يتعلق بمبدأ التحدي.

 

تتفاوت نسبة ما تكبدته الحركة عسكريا ويذهب المراقبون انها تخطت ثلث قوتها، لكنها صامدة ومستمرة في الصمود وما زالت منظمة إلى حد كبير، وهذا رأي سائد عند غالبية الفلسطينيين حتى أخصام “حماس”.

 

فقد أدى العدوان إلى خسارة كبرى لدى المدنيين لنحو 80 في المئة من الشهداء بينما بقيت البنية العسكرية لـ”حماس” سليمة إلى حد كبير ما مكنها من المساومة في كل القضايا المطروحة وأهمها، الصمود أولا، ومن ثم إدارة ملف الرهائن بما يحرم الاسرائيلي من تحقيق أي انجاز، بل على العكس ثمة خسائر في الأرواح والمعنويات مثل عملية القتل الأخيرة الشهيرة للجنود الثلاثة الهاربين.

 

هذه العملية الفاشلة التي تلت قتل إحدى الرهائن بعد عملية فاشلة أيضا، عززت من الحراك الداخلي المعادي لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي كان رافضا لأية هدنة جديدة وصفقة تبادل، لكنه، بعد العملية الفاشلة الأخيرة في وجه “كتائب عز الدين القاسم”، قبِل بذلك ووفّر لرئيس “الموساد”، ديفيد بارنياع، صلاحية التفاوض في معركة الرهائن.

 

بذلك ثمة رأي فلسطيني عام بأنه رغم كل ما حصل، فإن لا انتهاء للمعركة بانتصار عسكري على “حماس”، وبالتالي إفشال مخطط نتانياهو.

 

فهذا الأخير كان يخطط لتحويل غزة الى ضفة غربية ثانية بعد تهجير أهلها الذين يعودون إلى أراضيهم عند كل فرصة. بمعنى استباحة القطاع بتوغلات واقتحامات وقتل وحصار بعد تحقيق “نصر” عسكري، ما يشابه ايضا ما حدث لغزة بعد العام 2005 وهو ما أثبت فشله للمناسبة.

 

هذا يأتي بعد الانتقال الى مرحلة جديدة من العدوان تكون عسكرية وأمنية وليس عسكرية فقط كطابع طاغ عليها قد يتسم بالحملات الجوية والتوغلات وسيناريوهات مفتوحة تعني أن لا عودة الى سيناريو ما قبل 7 تشرين الأول 2023.

 

لكن الجبهة الإسرائيلية تضررت كثيرا كمّا ونوعا وهي خسائر “جامدة” باللهجة الفلسطينية شملت قواته الخاصة وضباطه والجنود. وإذا كان الاحتلال قادرا على تلقي الدعم الاقتصادي والعسكري من الخارج الا انه يُستنزف بشريا ما يفسر ادخاله عامل قوات الاحتياط بكثافة كما عامل المرتزقة.

 

وبذلك فإن السيناريو الاسرائيلي بإدارة مدنية تحت الاحتلال غير ظاهر المعالم، وحسب هذه الأوساط فإن نتانياهو بات مضطرا لصفقة تقيه غضب الداخل الاسرائيلي.

 

 

“السلطة فوق الأرض و”حماس” تحتها”

 

 

ويرى هؤلاء أن الإطاحة بنتانياهو باتت ضرورة بصفته عقبة امام الحل الكبير، وهو فقد ثقة الاسرائيليين والعالم والمؤسسة الأمنية، وثقة الأخيرة في غاية الأهمية، ناهيك عن انتقادات وتهجمات بحق شخصه لتورطه بست قضايا فساد.. لكن شرط ذلك انفراط عقد الائتلاف الحكومي ما يؤدي الى انتخابات مبكرة.

 

على ان هذا غير ممكن في الفترة الحالية فنتانياهو هو أكثر رؤساء وزراء إسرائيل مدة في سدة رئاسة الوزراء حتى بلغ 16 عاما، وهو تخطى الأب المؤسس للدولة العبرية دافيد بن غوريون بثلاثة اعوام.

 

لكن الإطاحةبالأول هي “مسألة وقت” على حد تعبير هؤلاء المتابعين عن كثب للشأنين الفلسطيني والإسرائيلي، وثمة قيادات في حزبه “الليكود” يتحيّنون الفرصة وعلى رأسهم وزير الدفاع يوآف غالانت..

 

يعزز ذلك أن اهالي المختطَفين يصعدون تحركاتهم وباتت تظاهرات مفتوحة واعتصام مفتوح أمام وزارة الدفاع وحتى قطع للطرقات وصولا ربما الى اضراب مفتوح عن الطعام، فالسردية الاسرائيلية أنه بسبب الضغط العسكري سيحرر المختطفون كانت غير مهضومة لديهم واثبتت حتى الساعة ان نتيجتها صفر.

 

لكن ثمة “فرصة” اليوم أن يتم التوصل إلى هدنة تشمل إطلاق أسرى فلسطينيين قدماء ونساء في مقابل نساء ومجندات وكبار بالسن، على ان مطلب “حماس” ثابت بـ”الكل مقابل الكل” شرط وقف العدوان وانسحاب الجيش الغازي وهو أمر لا يعارضه اهالي المختطفين لدى الحركة، ليس لسبب انساني بل لسبب مصلحي يحافظ على أرواح ذويهم.

 

بعد وقف النار هذا تريد “حماس” أن ينتقل الجميع الى ما بعد الحرب وآلية حكم غزة.

 

فـ”حماس” باتت قابلة لاشتراك السلطة بالحكم وهي غير قادرة لوحدها على إدارة الوضع المقبل الذي يستلزم عشرات المليارات الدولارات قد تصل الى 50 مليارا وقد تتخطاه، وثمة من يشير الى ان الوضع يمكن ان يلخص مجازياً تحت عنوان “السلطة فوق الأرض و”حماس” تحتها”.

 

فالسلطة غير قادرة على الحكم لوحدها وهي لا تحظى بالشرعية الشعبية الكبيرة أيضا، ويذهب بعض المراقبين الى أنها تنتظر دورها في المستقبل، ورغم الفيتو على رئيسها محمود عباس فهو سيكون عراب المرحلة المقبلة سواء بقي أم مهد لشكل جديد من الحكم.