يبدو ان نصائح الرئيس الأميركي مستر جو بايدن بدأت تستجاب على الصعيدين الاميركي والاسرائيلي.
بالعودة الى إرسال أميركا أسطولين من أساطيلها ومن ضمنها حاملات طائرات الى غواصة نووية كان من أجل حماية إسرائيل أولاً.
كذلك من أجل تهديد إيران كي لا تحاول أن تستغل الحرب التي تعرّضت لها الدولة العبرية من ِقِبَل حركة «حماس»، وبالاخص من أبطال «طوفان الأقصى»، تلك العملية البطولية التي لم تحصل في التاريخ، والتي أدت الى اغتيال 1200 من الاسرائيليين الذين كانوا يحتفلون بـ»يوم الغفران»، وإلى أسر 250 من الاسرائيليين و17 من جنسيات مختلفة، وهذه قلبت إسرائيل وقيادتها السياسية والعسكرية رأساً على عقب.
على كل حال، يبدو أنّ رئيس حكومة العدو الاسرائيلي الذي كان يرفض أن يوقف القتال في غزة، بدأ بالتراجع تدريجياً حيث سحب منذ أيام لواء جولاني الذي يعتبر من أهم الألوية في الجيش الاسرائيلي حيث كانت إسرائيل تعتمد عليه بأنه سوف يقضي على «حماس»، ولكن بعد مرور 80 يوماً على وجوده في غزة، وبالرغم من تدمير 70% من أبنية غزة وتهجير مليوني فلسطيني و22 ألف شهيد منهم 8000 طفل و6000 من النساء والشيوخ، و»حماس» صامدة حيث سجلت تدمير 800 دبابة ثمن الواحدة 10 ملايين دولار بصواريخ «ياسين 105» ثمن الواحد 300 دولار فقط، وهذا الصاروخ هو على اسم شهيد «حماس» الأول الشيخ احمد ياسين الذي كان مقعداً ويقود «حماس» بحنكة وحكمة ودراية.
ويبدو ان نتانياهو هو اليوم بين فكّي كمّاشة: 1- حرب غزّة التي هزّت الكيان الاسرائيلي، ومحاولة رئيس الوزراء إطالة أمد الحرب هناك للهروب من المحاكمة بتهم الفساد، ومعارضة الاسرائيليين الواسعة له بسبب الاصلاح القضائي، المشروع الذي قدّم في 4 كانون الثاني 2023، بعد ستة أيام من تنصيب الحكومة الاسرائيلية السابعة والثلاثين، وأثار يومذاك حالاً واسعة من الجدل في إسرائيل، أشعلها اتجاه حكومة نتانياهو الى تنفيذ ما تسمى «إصلاحات» في الجهاز القضائي، إذ ان اول ما قام به نتانياهو في العام الجديد 2024 انه أعطى أوامره بانسحاب بعض ألويته من قطاع غزّة والتي تُعَد بالآلاف، في المقابل تمّ إحياء معارضة الاصلاحات القضائية التي كان نتانياهو قبل غزو واجتياح غزّة يريد إجراءها والتي أثارت ردود فعل شديدة داخل الكيان الصهيوني، كما تقوم تظاهرات في وجه نتانياهو ضد ما يقوم به من غارات عشوائية على المدنيين في غزة.
أعمال نتانياهو باتت مكشوفة ومفضوحة، فيما تصفها المعارضة بأنها محاولة انقلاب على الديموقراطية من خلال إجراء الاصلاحات القضائية… ولو نفذت هذه الاصلاحات، فإنّ هذا يعني مَنْع المحكمة العليا من إلغاء قرارات الحكومة التي تعتبرها غير معقولة.
ويؤكد معارضو هذه الفكرة ان تحالف نتانياهو اليميني يهدد الديموقراطية الاسرائيلية ويهدف لإضعاف القضاء الاسرائيلي بشكل كبير.
ويؤكد المتابعون ان نتانياهو وحلفاءه يريدون تغيير نظام المحاكم الاسرائيلي بشكل جذري.
وكانت المحكمة العليا تاريخياً حامية لحقوق الاقليات، ويخشى منتقدو الخطة من انها ستُعرّض صلاحياتها للخطر.
وخلال حرب غزّة جمّد نتانياهو مشروعه موقتاً، والخشية أن يعود إليه في أقرب وقت، والدليل على ذلك ان الكنيست بدأ قبل أيام جلسته من أجل البت في مشروع قانون «حجة المعقولية» قبل التصويت عليه بالقراءتين الاخيرتين… وخير دليل على تمسّك الحكومة اليمينية به ان وزير الامن القومي الاسرائيلي إيتمار بن غفير قال إنّ إبطال المحكمة العليا قانون اصلاح النظام القضائي يضرّ بإسرائيل ويضرب معنويات «جنودنا» في غزّة.
جاءت هذه البلبلة بعدما قررت المحكمة العليا الاسرائيلية بأغلبية قضاتها إبطال بند رئيسي في قانون حكومة نتانياهو للاصلاح القضائي المثير للجدل، وينص البند المعدّل الذي أبطلته المحكمة على «معقولية» قرارات الحكومة أو الكنيست.
هذا من جهة، أما من جهة سحب ألوية مقاتلة من غزّة، فقد جاء نتيجة ما تكبّده من خسائر فادحة… فلم يكتفِ رئيس الحكومة الاسرائيلية بسحب لواء جولاني فقط بل اتخذ قراراً جديداً وهو سحب 5 ألوية من الجيش وتسريح عدد كبير منهم وإعادتهم الى داخل الكيان الاسرائيلي.
هذا الحدث الكبير ترافق مع اتصالات ديبلوماسية تجري في الدوحة بقيادة قطرية للبحث مع مدير المخابرات الاسرائيلية «الموساد» دافيد برنياع حول ترتيب عملية السلام المقترحة، وبمشاركة مدير الـ»سي آي إيه» وليام بيرنز محادثات مع حركة حماس، وتتضمّن البنود التالية:
أولاً: وقف إطلاق نار نهائي مع تعهدات دولية بعدم خرق هذا الاتفاق.
ثانياً: تبادل الأسرى بين الجانبين، وهنا تصرّ حركة حماس على أن يكون وقف إطلاق النار كاملاً وشاملاً ولا يستثني أحداً.
ثالثاً: انسحاب إسرائيل انسحاباً كاملاً ونهائياً من غزّة.
رابعاً: إجراء انتخابات فلسطينية كي يختار الشعب الفلسطيني قيادته التي ستتسلم حكم القطاع والضفة.
خامساً: وهذا البند هو الأساس، وهو إقامة دولة فلسطينية كاملة الحقوق، من مطار ومرفأ وجيش ومجلس نواب ورئيس وزراء وغيرهم من أركان تكوين دولة حقيقية كاملة.
وهنا لا بد أن نشير الى ان هناك اجتماعات تعقد في مصر على أرفع المستويات خصوصاً ان موقع مصر الاستراتيجي ودعمها المطلق ضروري لتأمين جميع ما يحتاجه الشعب الفلسطيني للصمود، وسوف يتبيّـن في المستقبل الدور الكبير الذي تلعبه مصر بدعم أهل غزّة ولكن بصمت…
وأهم من كل هذا موقف الرئيس السيسي برفض إسكان أهل غزّة في صحراء سيناء، بالرغم من الاغراءات المالية الكبيرة التي وصلت الى حدود الـ40 مليار دولار.
أخيراً، ما قام به أبطال «طوفان الأقصى» بدأ بتغيير التاريخ.. وهذه العملية سوف ينتج عنها قيام دولة فلسطينية كانت منساة منذ 75 سنة… فتحية وألف تحيّة الى الابطال الفلسطينيين.