قبل نهاية رأس السنة بساعات قليلة، أطلق العدو الاسرائيلي عملية سحب الجنود من قطاع غزة، بالتزامن مع تسريح جزء من قوات الاحتياط، وفي ذلك دلالة على أكثر من محور، فسحب الجنود من غزة يعني تبدلاً بطبيعة الحرب على القطاع، وتوجيه الجنود من غزة باتجاه الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، يعني توقعاً بتبدل واقع الحرب مع لبنان.
بحسب مصادر متابعة، فإن إرسال الألوية من غزة الى الشمال ليس محسوماً، فهو امر تحدث عنه أحد المسؤولين “الاسرائيليين” قبل أن يُسحب من التداول، مشيرة الى أن الخبر لو كان صحيحاً فهو يعني بكل تأكيد توقعات “اسرائيلية” بحصول تصعيد إضافي، ربما يكون ذلك بعد عملية الاغتيال التي نفذها العدو الاسرائيلي في الضاحية الجنوبية، والتي جاءت بتوقيت مثير.
في غزّة تتجه “اسرائيل” من خلال تسريح عدداً من ألوية قوات الاحتياط للانتقال الى المرحلة الثالثة من الحرب، ولو دون الإعلان عن ذلك، وهو ما يعني نوعا جديدا من المواجهات لن تكون كتلك التي شهدناها في المرحلة الماضية، ولكنها تعني أن الحرب بشكل عام ستطول.
رغم أن الناطق باسم جيش العدو الإسرائيلي دانيال هغاري كان قد أعلن “أن الحرب بين “إسرائيل” وحركة حماس في قطاع غزة ستستمر طول العام 2024″، مؤكداً “الحاجة المستقبلية إلى عشرات الآلاف من جنود الاحتياط “الإسرائيليين” لمواصلة القتال”، إلا أنه من حيث المبدأ، لا يمكن “لإسرائيل” أن تستمر بالوتيرة نفسها من الأعمال العسكرية في غزة، نظراً إلى حجم الخسائر البشرية التي تدفعها، وحجم الأعباء الاقتصادية التي تتكبدها، لكنها في المقابل لا تنوي الذهاب إلى وقف كامل لإطلاق النار، بسبب التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك على المستوى السياسي والاستراتيجي، خصوصاً أنها لم تنجح حتى الآن في تحقيق أي من الأهداف، التي سبق لها أن أعلنت عنها مع بداية الحرب والمتمثلة بهدفين رئيسيين: سحق حماس وتهجير ابناء غزة الى الخارج.
بالتزامن مع ذلك، لم يعد من الممكن لـ “تل أبيب” أن تتجاهل المطالب الأميركية بالتوجه نحو مرحلة جديدة من العمليات القتالية، خصوصاً في ظل التراجع في التأييد الدولي لها، وعلى مشارف زيارة جديدة لوزير الخارجية الأميركي الى المنطقة، ولذلك فهي مجبرة على التخفيف من الأعمال، التي تؤدي إلى ارتكاب المجازر في قطاع غزة، من دون أن تنجح في تحقيق أي أهداف عسكرية.
هذا الانتقال الى المرحلة الجديدة، كان من المفترض أن يؤدي إلى تراجع حدة التوتر القائم على مستوى المنطقة، إلا أن مبادرة “تل أبيب” إلى إغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية، فتحت الباب أمام الكثير من التساؤلات حول ما إذا كان تنفيذ هكذا عمليات سيكون جزءاً من المرحلة الجديدة من العمليات العسكرية، نظراً إلى أنه قد يقود إلى توتير الأجواء بشكل أكبر من السابق.