سلمت 2023 مفاتيح الزمن لخليفتها، ومعها كل ملفاتها الساخنة ومشاكلها المتفجرة وازماتها المستعصية، على كثرتها وتعقيداتها في لبنان كما حول العالم الى العام الجديد، ومنها ازمة الشغور في المواقع المسيحية وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية، وما استجد على الساحة الجنوبية بعد التغييرات المتسارعة في المنطقة، وخلط الاوراق الذي نتج بعد عملية طوفان الاقصى، ما وضع القرار 1701 بكل مندرجاته على بساط البحث، في رحلة تغيير التوازنات الاقليمية والداخلية.
التصعيد الدراماتيكي يتسارع يوميا ، حيث تسعى “اسرائيل” جاهدة لتحويله الى حرب، فيما تصر حارة حريك على ضبطه ضمن قواعد الاشتباك. ووفقا لمصدر قيادي في الثامن من آذار، الذي اصر امام عدد من المسؤولين على دقة المرحلة، واهمية عدم الانجرار الى ردات الفعل غير المحسوبة، في ظل الهجمة الدولية الحاصلة.
فعلى وقع التحليلات من ان الحرب في قطاع غزة ما عاد بالامكان ان تستمر لمدة زمنية مفتوحة، على ما ترى مصادر محور المقاومة، لأن حجم الكلفة البشرية تخطى رقم الضحايا من ضحايا، مع بلوغه حجم الكارثة الانسانية، والاهم فهو إقتراب الولايات المتحدة من إستحقاق الانتخابات الرئاسية، مع ما يفرضه ذلك من ضرورة تسجيل إدارة الرئيس جو بايدن نقطة ما، تمهد له الطريق للبقاء في البيت الأبيض.
وفي هذا الاطار، رأت المصادر في عملية “التبادل” التي جرت بين سحب واشنطن لحاملة طائراتها الضخمة “جيرالد فورد” ومجموعتها البحرية، ونشر طهران لمدمرة وسفينة عسكرية في البحر الاحمر، هو مؤشر على المنحى الجديد للسياسة الاميركية، في خطوة متوقعة منذ مدة، مع تسريب تاريخ السابع من كانون الثاني كحد فاصل، وهو ما ترجم ايضا باعلان “تل ابيب” عن تعديل في اساليب خوض المواجهة ضد حماس.
وتتابع الاوساط ان ما حصل خلال الأيام، لا يعدو كونه عملية إعادة تموضع او انتشار بحري الاطراف المحاور،استعدادا لعمليات عسكرية، قد تكون باتت قاب قوسين او أدنى،خصوصا بعد الضربات الاميركية-البريطانية ضد الحوثيين،وتهديد واشنطن الواضح لبيروت.
اوساط ديبلوماسية في بيروت كشفت ان سبب مغادرة “فورد” يعود لاسباب بحت لوجستية، تعود الى ان فترة بقائها خارج قاعدتها شارفت على الانتهاء، ما يستوجب عودتها الى فرجينيا لاجراء الصيانة اللازمة، قبل اعادة تكليفها بمهام جديدة، مذكرة ان اكثر من مئة سفينة حربية ومدمرة وغواصة من قاذفات “الكروز”، تنتشر في البحر المتوسط، فضلا عن حاملة طائرات مع مجموعتها البحرية، ما يعني عمليا ان الاستراتيجية الاميركية لا تزال على حالها، خصوصا اذا اضيف الى هذا الوجود البحري، “الحشد” البري المتواجد في الاردن، والجوي المنتشر في دول خليجية، والمرشح للتعزيز، حيث أن قرار التدخل المباشر في لبنان لا يزال على حاله.
وتابعت الاوساط، بان الامور في المنطقة تتجه نحو مزيد من التصعيد، فالمفاوضات الاميركية – الايرانية جمدت، وكذلك التواصل بين الرياض وطهران، فضلا عن الضغوط التي تمارسها موسكو على الجمهورية الاسلامية لتهدئة الجبهة السورية وعدم فتحها، ما يضع جبهة لبنان في عين العاصفة، مع تأكيد التقارير الاستخباراتية ان “الجيش الاسرائيلي” يقوم ينقل وحدات عسكرية من الجنوب باتجاه الشمال، فضلا عن خفض وتيرة تدخل طائراته الحربية في القطاع، لصالح تجهيزها لعملية على الجبهة الشمالية.
وختمت الاوساط بان قيادة القوات الدولية، وكذلك المعنيون في لبنان، وضعوا في اجواء تلك المعلومات، وما كلام وزير الجيوش الفرنسية من قيادة القوة الفرنسية في جنوب لبنان منذ يومين سوى خير دليل، حيث ابلغ جنود بلاده، ضرورة الاستعداد لايام واسابيع صعبة جدا، بعد ان بلغ التوتر حد التعرض للدوريات الفرنسية، في رسالة قرأتها باريس جيدا واستخلصت منها العبر اللازمة.