الوقت الذي أعقب إرسال الصواريخ والمسيرات باتجاه «إسرائيل» على قاعدة الرد على إستهداف القنصلية الايرانية في دمشق، سمح لمزيد من التمعّن في هذه العملية الايرانية، وتكشّف عن بضع حقائق يمكن تعدادها في الآتي:
أوّلاً – كان لافتاً، أمس، شعار متداوَلٌ على نطاق واسع بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي بصيَغٍ مختلفة يمكن توحيدها في الصيغة الآتية: «للمرة الأولى في تاريخ الحروب تديرُ غرفةُ عملياتٍ واحدة الطرفَين المتحاربَين». والمغزى واضح وهو إشارة الى الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأميركية في «دوزنة» المعركة بين الجانبين الإيراني والإسرائيلي. وهو دور ليس تقديرياً أو افتراضياً على الإطلاق اذ هو واضح ومعلَن ومباشر. وهو ما أطلقنا عليه تسمية «الريموت كونترول»…
ثانياً – لسنا خبراء في العلم الأكاديمي العسكري، إلّا أننا قد نلجأ الى الأسئلة التي تراودنا، وما أكثرها، في الحدث الذي أثار تعليقات لا حصر لها في لبنان والمنطقة، ولعلّ أبرزها في هذا السياق: هل من المعقول (أو المألوف) أن يعلن الطرف الذي سيشن الهجوم، وهو هنا إيران، سلفاً أنه سيبدأ بهجوم الصواريخ والمسيّرات في الساعة كذا، وأنه سيستخدم نوعَين محدّدَين من الصواريخ؟ وهل هذا الإعلان يمكن تفسيره؟
ثالثاً – هل إن غرفة العمليات المشتركة بين طَرَفَي القتال التي أدارتها الولايات المتحدة الأميركية، هي محايدة؟ والسؤال يطرح ذاته سواء أكان الاتصال بين واشنطن وطهران مباشراً أو عبر السويسري الذي يرعى المصالح الأميركية لدى الإيراني منذ الحصار الذي ضربه الحرس الثوري على سفارة واشنطن في طهران قبل عقود؟
رابعاً – الأميركي الذي ضبط إيقاع الحدث، نسّق مع بريطانيا وفرنسا حسن الرقابة طوال المسافة الممتدة بين منطلق الصواريخ ووجهتها، وهل اطلعت إيران، سلفاً، على هذا التنسيق؟
خامساً – في منأى عن الأسئلة والتفسيرات وما قيل في العالم قاطبة حول العملية الإيرانية، لا شك في أن «إسرائيل» أدركت أنها غير قادرة على الخروج من تحت مظلة الأميركي، وفاقدة المبادرة، وأن عدوانها الوحشي على قطاع غزة، قد كشفها على حقيقتها، فهي كيان من دون أفق، وهي لم تستطع أن تحقق أياً من أهدافها المعلَنة بالرغم من جرائمها البربرية ضد الشعب الفلسطيني المناضل والذي هو، من أسف، متروك لمصيره…
إنّ إرادة الحياة عند الشعب الفلسطيني ستبقى الأقوى وستهزم الصهاينة طال الزمن أو قصر، ومن أسباب طوله المواقف الفعلية (غير البروباغندا) من معظم الدول المفترض فيها أن تهب إلى نجدتها.