IMLebanon

بين حربين كبيرتين الجنوب أدى قسطه وأكثر: حرب غزة تدخل نفق النهاية.. ومصير أسود ينتظر نتنياهو!

 

 

ثلاثة أشهر وأسبوع، يفصلان حرب غزة التي شنتها إسرائيل على القطاع وأهله، بعد عملية «طوفان الأقصى» في 7 ت1 (2023)، عن أن تسجَّل سنة كاملة، مما يجعلها تشابه حرب أوكرانيا بين الاتحاد الروسي وأوكرانيا، مع فارق أن الحرب الأولى تدور بين دولة احتلال، معتدية وغاصبة، والثانية تدور بين دولة كبرى ودولة كانت جزءاً منها، قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، وبوصفها احدى جمهورياته البالغة الأهمية.

حربان كبيرتان، جعلت العالم بأسره، يتهيب ما يأتي بعدها، لا سيما وأن خطوط التماس اقتربت من الحدود المحظورة على السلاح والتسلُّح، والعودة الى ما هو أبعد من الحرب الباردة، وتشكل التكتلات العسكرية من جديد، أو على الأقل تفعيلها..

 

في الشرق الأوسط، أدخل العدوان الاسرائيلي المنطقة برمتها، امام اهوال كارثية، لا تقتصر على الدمار والتقتيل والتنكيل، بل طرحت مستقبل العلاقات في هذه المنطقة، وعمَّا إذا ما كانت دخلت في أتون حرب لا تتوقف، أو حروب متقطعة، تتجاوز منطق الصراع العربي- الاسرائيلي منذ ما قبل قيام دولة الاحتلال عام 1948.

المشهد العام في المنطقة، بالغ القتامة بين نهج الاحتلال، وانفلاته الخطير من عقال الضوابط والعلاقات المتعارف عليها بين الدول المرتبطة بعلاقات أو الخاضعة لعداوات، وبين حركات المقاومة، أو لنقل دور «محور الممانعة»، التي تعتبر أن الفرصة السانحة الآن لن تتكرر، من أجل كسر شوكة «دولة الاحتلال» والمحور الغربي الداعم لها، أو الذي يحتضنها، وإعادة بناء نظام متكامل من التوازن، لمصلحة تمكين الفلسطينيين من كسر أغلال الاحتلال وقدر الخضوع الى ما لا نهاية لبطش الغازي الاسرائيلي وجبروت قوته العائمة فوق آلاف الطائرات والقنابل والمسيَّرات والاسلحة الفتاكة، الأميركية والاسرائيلية والألمانية، وغيرها من مصادر متعدّدة..

 

الحرب التي كانت «طوفان الأقصى» نجمها عند البداية، شكلت على امتداد الأشهر المنصرمة فرصة كبرى للفلسطينيين، على الرغم من كلفة الحرب، من شهداء، وجرحى، وتهجير وتدمير، للدخول الى عصر الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تعطي للشعب الفلسطيني حقوقه، وتوفر له فرصة الحياة من اقتصاد، وتعليم ونظام سياسي يختاره الفلسطينيون بالوسائل الديمقراطية المتاحة..

وبقدر ما كانت الحرب هذه فرصة، كانت «غصَّة» في قلب دولة الاحتلال، الذي اكتشف بعد هذه السنوات والعقود المديدة منذ بدايات القرن الماضي، أن ما بناه كان على الرمال، وأن لا اسس متينة لما بُني على الاغتصاب والاستيطان والقتل والتدمير، ولم يدرك المحتل بعد من قصص التاريخ ان كل ذلك سبيل الى التهلكة والهلاك.

 

عندما يتحدث الاسرائيليون عن حرب وجودية، وبهذه الحجة يواجه بنيامين نتنياهو المجتمع الاسرائيلي المحلي والدعوات الأممية والأميركية لوقف الحرب، عندما يتحدث هؤلاء عن حرب وجودية، هم يدركون أن دولتهم التي خططوا لأن تكون لها «اليد الطولى» على مستوى المنطقة وشعوبها، دخلت في وحل «الهرم» أو الفناء، أو الوهم، ولن يكون بمقدورها، بعد توقف المدافع وأزيز الطائرات، أن تتحكم سوى بالمساحة الصافية، التي عليها استيطان كثيف، او «صهيونية خالصة»، أي المناطق ذات «الصفاء العرقي» اليهودي أو العبري..

تقترب دولة الاحتلال من التسليم بأن هزيمة حركة المقاومة في فلسطين «حماس» مسألة أقرب الى أضغاث الاحلام منها إلى الواقع، وهي تبحث عن مخرج ليس لوقف الهجمات أو الذهاب إلى صفقة، توقف المعارك وإطلاق النار وحسب، بل تؤدي إلى تحرير الأسرى والرهائن، وذلك عبر إزاحة نتنياهو شخصياً عن مسرح القيادة في «دولة العدوان».

كيف تكون هذه الإزاحة؟ باغتيال، باعتقال، بانتخابات مبكرة تبعده عن مركز القرار، بتمرد الجيش الاسرائيلي، الذي يشعر بالوهن والعجز عن متابعة رؤية جنوده يُقتلون بكمائن المقاومة، وقذائف «الياسين» والهاون أو القنابل والألغام المزروعة والمواجهة من الدرجة صفر.

خارطة طريق إنهاء الحرب، تبدأ من «رأس العلة» أي نتنياهو، وهذا مسار يحتاج إلى انتظار لمعرفة سيره، ومن هناك، ترسم لوحة للوضع على الجبهة اللبنانية الحدودية..

فحزب الله، لن يكون بمقدوره، أن يتعب أو يوقف «حرب الاسناد» بعد هذه التضحيات الهائلة التي قدمها، على مذبح دعم الفلسطينيين في حربهم المقدسة من أجل القدس، ومن أجل استقلال بلدهم، وبناء دولتهم..

وفي السياق، لا ينفك جيش الاحتلال بوزرائه، وضباطه، والقيادة الشمالية، من ذرّ الرماد بالعيون، والجنوح الى اطلاق التهديدات والتوعدات بحق لبنان وحزب الله، وصولاً الى التصريح القبيح بإعادة البلد الى «العصر الحجري».

ولعلَّ المقاومة الواضحة، تكمن في المسافة القائمة بين جيش يسعى الى الخروج من وحل غزة وآثامها، ليعود هذا الجيش نفسه ويتوعد، ويكشف أنه يتدرب على حرب الاودية والتلال والهضاب والجبال، ليناجز حزب الله هناك، من دون أن يستخلص العبر، وحروب سابقة، ومن الحرب الحالية، التي أسقطت حسابات، وغيَّرت نظريات، وفتحت الباب أمام تحولات غير مسبوقة في أُطر الحرب أو الحروب ونُظمها، على كل التكنولوجيا الفائقة التطور..

الثابت، من الوقائع والمعطيات ان لا افق لحرب يمكن ان تستمر في غزة، سوى «العناد الشخصي» لنتنياهو، وخوفه من انفضاح الهزيمة المدوي، وبالتالي بات إنهاء الحرب، ليس مطلباً لأسرى العائلات المحتجزة لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في أنفاق غزة وخارجها، بل لكل اطراف الحرب وبدرجات متباينة..

أما الجنوب اللبناني، الذي أدى قسطه وأكثر في معركة الإسناد.. فقد اختصرت الامتحانات التي بدأت السبت مدى قدرته وصموده وتوقه للحياة والحرية والتقدم.