إنّ ما تقوم به إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في غزة وقطاعها والضفة الغربية من حرب إبادة للشعب الفلسطيني ومن تدمير للحجر والبشر… ما يدلّ على شراسة هذه الحرب الهمجية التي يشنها جيش الدولة العبرية، يثير تساؤلات بالجملة، إذ تنهال الأسئلة على الأذهان وتختلط الأمور بعضها مع بعض… فيتساءل الواحد منا: ما الذي يجري؟ أين جامعة الدول العربية بل أين العرب، كل العرب، وأين منظمة التعاون الاسلامي التي تضم 57 دولة إسلامية؟ وهل حقاً نحن أمة نائمة؟
ونتساءل أيضاً: هل عجزت دول العالم ومجلس الأمن الدولي عن إجبار الاحتلال الاسرائيلي على وقف هذه المجازر ووقف إطلاق النار؟ وهل بات الكل عاجزاً عن إيقاف المجازر اليومية التي يرتكبها نتنياهو هذا المجرم القاتل؟ وهل عجز بعضهم عن إجبار حكوماتهم على طرد سفراء الاحتلال الاسرائيلي من دولهم؟
أين ذهب العرب؟ وأين اختفى مليار مسلم؟ وكيف يعقل ان الشعوب والحكومات العربية والإسلامية عاجزة عن مدّ يد العون لأهل غزة الـمُنَكّل بهم، وكل العالم يسمع ويشاهد حرب الإبادة، وأعين الناس تراقب الأطفال والنساء يتحوّلون الى أشلاء، والمباني والمستشفيات ودُوَر العبادة والبُنى التحتية وتستقبل أطنان القنابل الاميركية الصنع والأسلحة المحرّمة دولياً، فتحوّل غزة الى ركام وإلى بركة من الدماء وساحة للجثث والأشلاء الممزقة، ولا شيء ينجو ويسلم من قصف الاحتلال الهمجي.
وأنا على يقين أن حرب الإبادة هذه، لم تكن لتحدث، ولم يكن نتنياهو قادراً على استمرار إجرامه، لولا يقين المحتل الاسرائيلي ان الأنظمة متخاذلة ولا أحد سيتحرك للدفاع عن أهل غزة وإيقاف المجازر، ولم يكن الاحتلال الاسرائيلي ليتجرّأ على ارتكاب هذه المجازر بآلة القتل الوحشية، لولا الحماية والدعم غير المحدودين من أميركا والغرب، وإدراكه ان الأمتين العربية والاسلامية في سبات عميق.
وما لا شك فيه ان حرب الإبادة الوحشية منذ ما يقارب أحد عشر شهراً، قد أرخت بظلالها على دول العالم الغربي، وكشفت العالم على حقيقته، وأزالت مساحيق الكذب والخداع عن الحضارة وحقوق الإنسان التي تتغنّى بها تلك الدول.
تمرّ الأيام والأشهر والمجازر تلو المجازر، وتبقى اليد الملطخة بالدماء والعار شاهدة على خبث ودناءة الاحتلال وشركائه وحلفائه.
ولنعد الى بعض الأفكار التي نادى وينادي بها بعض مسؤولي الدولة العبرية، ولنطلع على شهادات من رجالات عِلم وفكر من الولايات المتحدة والغرب على حد سواء، لنعرف تماماً ماذا يضمر لنا نتنياهو، وماذ يخبئ لنا الصهاينة في المستقبل. فها هو نتنياهو يعرقل المفاوضات علناً حتى بشهادة الاسرائيليين.
فقد قالت صحيفة «يديعوت احرونوت» العبرية بأنّ حكومة نتنياهو قدّمت وثيقة للوسطاء في 27 يوليو/ تموز كان عنوانها… «وثيقة توضيحية». هذه الوثيقة أرسلتها حكومة نتنياهو بهدف إفشال المفاوضات بعدما شكّلت موافقة «حماس» مفاجأة للحكومة الإسرائيلية، وعندما رأى مكتب نتنياهو ان هناك فرصة للتوصّل الى صفقة، قرّر رئيس الوزراء التراجع وأرسل رئيس «الموساد» ديدي برنياع الى الدوحة لنقل توضيحات إضافية. وكان من المقرر أن يطلق سراح 4 من الـ6 الذين وجدت جثثهم في رفح. وقال مسؤول أمني بأنّ هذه الوثيقة يجب ألا تكون تحت عنوان «وثيقة توضيحية» بل «وثيقة الدم»، لأنها أفشلت المفاوضات وتسببت بمقتل أشخاص كان من المفترض أن يعودوا أحياء خلال عملية تبادل.
ولنذكرْ ما كشفه رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو عن أهدافه الحقيقية التي يسعى إليها منذ توليه مسؤولية الحكم في إسرائيل وهي ليست إيجاد دولة فلسطينية الى جانب الدولة العبرية، بل إقامة دولة واحدة تمتد من نهر الأردن الى البحر المتوسط (أي كل فلسطين)، وهو ما أشار إليه باسم «دولة إسرائيل الكبرى».
هذه الأهداف التي وضعها نتنياهو نصب عينيه ساعده الاميركيون على تحقيقها في كل المحافل والمجالات.
يضيف نتنياهو: طيلة 30 سنة وأنا أعمل لتحقيق هذا الهدف، وكلما وسعنا دولتنا وجدنا إرهاباً نحاول القضاء عليه، لذا فإنّ أي اتفاق في المستقبل لن نوافق عليه إذا لم يحقق لنا هذا الحل.
الولايات المتحدة كانت أكبر المتواطئين
رئيس الولايات المتحدة السابق والمرشح الحالي عن الجمهوريين قال: «إسرائيل بقعة صغيرة جداً بالنسبة لما حولها من الارض، لذا يجب توسيعها».
أضاف نتنياهو: «نتحضر لحرب الشمال مع حزب الله… والضفة الغربية جاء دورها. أضاف: أعتقد ان دولتنا ستمتد من لبنان الى الصحراء الكبرى، وأؤمن بأننا سنأخذ مكة والمدينة وسيناء ونتحكم بالممرات كلها».
لقد آن الأوان لتعي الدول العربية ما هو مخطط لها وإلا فعلى هذه الدول السلام.
وتقول صحيفة «هآرتس» العبرية:
يعلن بلينكن ان الولايات المتحدة ترسل أساطيلها ومدمراتها… فنتساءل لماذا؟ باختصار لأنه نتنياهو يريد حرباً عالمية ثالثة ويجر أميركا للحرب، إنه أكبر داعية للحرب.
إيران أكبر من العراق 4 مرات إضافة الى لبنان، وهناك 1،6 مليار مسلم في العالم، فهل نريد أن نجعلهم أعداءنا؟ كل هذا من أجل حماية القمع الاسرائيلي.
ألم تنته إسرائيل من سرقة الأرض.. ألم يكتفِ الصهاينة عن القتل والذبح والدمار.. فإلى متى يظلّ العالم مغمضاً أعينه عن مجازر إسرائيل؟
أما المغني البريطاني روجر ووترز فقال في تصريح هو الأعنف لفنان غربي، «لقد فشلت دولة إسرائيل» في بناء دولة مؤسّسات تراعي حقوق الانسان وتحقق العدالة والمساواة لمواطنيها، ونادى بوجوب رحيل الاسرائيليين وحزم أمتعتهم ومغادرة البلاد، وقال:
أيها الاسرائيليون احزموا أمتعتكم وارحلوا
عودوا الى الولايات المتحدة وأوروبا الشرقية حيث يُرحّب بكم. وليعد السلام للشعب الفلسطيني لأنه يستحق ذلك.
لقد فشلتم أيها الاسرائيليون في بناء دولة حقة، يجب قيام دولة، المواطنون فيها متساوون، يتمتعون بحقوق دينية وسياسية واحدة، دولة تمتد من نهر الأردن الى البحر المتوسط.
أضاف: لا أريد أن يُساء فهمي.. فأنا لا أدعو الى الحرب وإنما أقدّم اقتراحاً قدمته لي والدتي الحكيمة حيث قالت: صار الوقت ايها الاسرائيليون لتفعلوا الصواب… أنتم دولة فاشلة… فاحزموا أمتعتكم وعودوا الى البلدان التي جئتم منها.
أما الاعلامي الأميركي كول ليري وليكرسون فقال:
إنّ إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة، لم تفِ يوماً بوعودها بأن تمارس الاحتلال ضمن القواعد الأخلاقية الدولية وهي لن تفي بتعهداتها.
لقد كانت دائماً تمارس العنف والارهاب، وتسرق منازل وأراضي الفلسطينيين من غير وجه حق، وتصادر أملاكهم.
إنها سلطة متسلطة وطاغية، يعرف الجميع ذلك.
باختصار… مجازر غزة حرّكت أحرار العالم، في حين ظلّ العرب والمسلمون في معظمهم يغرقون في سبات عميق… فمتى يصحو الضمير العالمي فيتحرك لإنقاذ هيبة الحضارة الغربية ومبادئ حقوق الانسان؟