Site icon IMLebanon

هل تريد إسرائيل السلام؟!!

 

 

علامة استفهام كبيرة تُرْسم حول هذا السؤال، لأنّ إسرائيل بالفعل لا تريد السلام، خصوصاً ان هناك متطرفين يهوداً متعصّبين يعتقدون بأنّ أرض فلسطين لهم… أي انها أرضهم هم…

 

لا أريد أن أدخل في متاهات أرض فلسطين: للفلسطينيين أم لليهود؟ خصوصاً ان هناك عدداً كبيراً من الإثباتات التاريخية تؤكد أنّ هذه الأرض هي أرض فلسطين، وأنّ اليهود جاؤوا من جميع بلاد العالم، وادّعوا زوراً ان أرض فلسطين هي أرضهم.. هذا مع العلم ان المؤامرة الأولى بدأت منذ “وعد بلفور” حيث وعد الانكليز، الذين كانوا يحكمون فلسطين، اليهود بإقامة دولة على أرض فلسطين كوطن قومي لهم.

 

وبالفعل، تآمر الانكليز والفرنسيون على الفلسطينيين، حيث أمدّوا اليهود بالسلاح والمال ليقوموا بعمليات اغتيال للفلسطينيين.. والأفظع قيام اليهود المتطرفين بعمليات اغتيال للفلسطينيين وارتكاب مجازر كما حصل في “دير ياسين” أو بلدة الشيخ عام 1947، وثابت والطنطورة عام 1948، وقلقيلية عام 1956 وغيرها الكثير.

 

فلندع كل الحروب جانباً، ونسأل السؤال الذي بدأت به: هل تريد إسرائيل السلام حقاً؟ فهي لو أرادت ذلك فما يمنعها من تحقيق هذا الهدف؟

 

المصيبة الكبرى انه بعد 75 سنة، وبعد حروب عدّة، لا يزال هناك زعماء يهود متطرّفون يرفضون السلام… والسلام بالنسبة لهم هو: إلغاء الشعب الفلسطيني… وهذا لن يحصل أبداً. على كل حال، جاءت عملية “طوفان الأقصى” لتبرهن ان اليهود لا يستطيعون إلغاء الشعب الفلسطيني.

 

مثلاً، فإنّ إسرائيل بجيشها العظيم الذي تعتبره من أقوى الجيوش في العالم، وهو يأتي في  المراتب الأولى، وتزوّد بأهم الأسلحة وأحدثها في العالم، هذا الجيش لا يزال منذ أحد عشر شهراً، وبعد أن دمّر 83 بالمئة من غزة: بيوتها مساجدها كنائسها مستشفياتها جامعاتها مدارسها، كل حجر أصبح على الارض، وبالرغم من ذلك يصعد أبطال “طوفان الأقصى” من تحت الارض ليطلقوا صواريخ على وسط تل أبيب… ويقف جيش إسرائيل عاجزاً أمام قوة المقاومة وأبطالها.

 

انطلاقاً من ذلك، لو كان عند اليهود بشكل عام حسابات صحيحة، عليهم أن يدركوا انه لن يكون هناك سلام في فلسطين من دون دولة فلسطينية يعيش فيها الفلسطينيون كما يعيش باقي شعوب العالم في دولة ذات سيادة.

 

فشل إسرائيل هذا… ارتد على الصهاينة أنفسهم، مثلاً عندما تسلمت المخرجة الاميركية اليهودية الأصل ساره فريد لاند جائزتها في مهرجان البندقية.. قالت:

 

“أقبل هذه الجائزة في اليوم الـ336 على الإبادة الصهيونية في غزة والعام 76 على الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية… فأنا أيضاً مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل التحرّر… وبكل صراحة وجرأة، لأنّ الفلسطينيين على حق وهم يستحقون أن تكون لديهم دولة”.

 

اما المحلل العسكري الاسرائيلي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” روبن بن يشاي، فقد كتب مقالة قال فيها:

 

“إنّ غضب مئات الآلاف الذين خرجوا الى الشوارع كان عفوياً ومبرراً، لكن الحزن والإحباط والغضب واللوم كان أكبر، فإسرائيل يجب أن تخرج سريعاً من الوضع الخطير الذي تعيشه.

 

أضاف: ليس فقط مصير المختطفين على المحك، بل مصير البلاد التي تعيش حرب استنزاف داخلية وخارجية.

 

إنّ الإرهاق النزفي انه خلال فترة قصيرة سيوجه المحور الشيعي الضربة القاضية في ظل الصدع الداخلي، وانهيار الوضع الاقتصادي في البلاد… لذلك لا بد من إجراء تصحيح للمسار في أربعة مجالات:

 

أولاً: يجب إطلاق سراح المختطفين فوراً على الأقل الأحياء منهم.

 

ثانياً: نحن بحاجة الى تغيير الوضع الذي يتخذ فيه نتنياهو قراراته بمفرده الى جنب حكومة هي في الواقع ختم مطاطي ومستشاريه يحاولون إرضاءه.

 

ثالثاً: يجب إنهاء الوضع الحالي على الجبهة الشمالية.

 

رابعاً: يجب تغيير حكومة نتنياهو لأنها تثبت يوماً بعد يوم انها غير قادرة على إدارة البلد بفعالية في زمن الحرب”.

 

ويكفي أن نستمع للإسرائيلي ألكسندر توربانوف في تسجيل قبل أن يقتله جيشه حيث قال: “كما وعدتكم سأوصل لكم رسالة… الأمر الأول انني بخير ووضعي جيّد. هذا رغم ان الجيش وسلاح الجو حاولا قتلي مرّات عديدة. شكراً للّه. اني اليوم أمامكم وأخاطبكم. وشكراً لـ”سرايا القدس” الذين اهتموا بي وحافظوا على حياتي…”.

 

هذا ما بدأ به الأسير الاسرائيلي رسالته التي وجهها للحكومة والجيش والجمهور الاسرائيلي قبل مقتله…

 

أضاف: “الآن سأقول لكم الحقيقة: نتنياهو والمسؤول الأمني يكذبون عليكم، قالوا لكم: إنهم يعملون على استعادتنا عبر الضغط العسكري، لكنهم عملياً يبحثون عنا ليقتلونا.

 

هم لا يريدون دفع الثمن للعودة أحياء.. هم يريدون أن نعود جثثاً… وهذا سعر رخيص ومفصّل لديهم.

 

لذلك، أتوجه إليكم ايها المتظاهرون: من فضلكم تظاهروا، اغضبوا واصلوا الضغط. لا أريد أن أكون الرقم التالي الذي سيقتل، أنتم تعلمون بالضبط كم عدد الأسرى الذين قتلوا في غزة على يد سلاح الجو قصفاً، وعلى يد الجيش.

 

أرجوكم حتى لا يحين دوري، ساعدوني لأعود سليماً وحيّاً لأمي وأبي وصديقتي وجدتي. أرجوكم ساعدوا كلّ الأسرى. إنّ الحكومة والقيادة لا تقدّران حرقة مواطنيها لا تستحق أن تستمر. أطلب من المواطنين والمتظاهرين أن يفعلوا كل شيء من أجل قيام حكومة جديدة تعمل على إطلاق سراحنا قبل كل شيء.

 

الطريق الوحيد، والحلّ الأمثل لاستعادتنا أحياء هو الموافقة على عمليات تبادل وإطلاق النار.

 

أطلب منكم أن تنشروا رسالتي في كل البلاد، مقابل مكاتب الحكومة ووزارة الدفاع والكنيست. قولوا لهم ما يجب أن يُقال: أخبروهم عن أوضاعنا، واصلوا الضغط عليهم ليوافقوا على صفقة تبادل أسرى.

 

أريد أن أعود… فلم أفعل شيئاً لأعيش هذا الوضع أسيراً، ويتم سلب حياتي مني… كل ما فعلته انني كنت في المكان الخطأ والزمان الخطأ.

 

نتنياهو تحمّل المسؤولية، وأعدني الى أهلي.

 

إلى أمي وأبي.. أنا بخير انهم يهتمون بي ويعاملونني جيداً وبلطف.

 

وعلى الرغم من هذه الظروف الغامضة، ومهما حصل، كونوا بسلام ومتفائلين وواصلوا الحياة”.

 

أفبعد كل هذه الأحاديث والتعليقات، يمكن لأحد أن يشك بأنّ حكومة نتنياهو اليمينية المتطرّفة، لا تريد السلام… فيكفي ان نتنياهو نفسه صرّح قبل أسبوع علانية بأنه لن يوافق على قيام دولة فلسطينية الى جانب الدولة العبرية… ففلسطين كلها من النهر الى البحر هي دولة يهودية…

 

هذا هو السلام الذي يريده نتنياهو، والذي يرفضه الفلسطينيون وأصحاب الضمائر الحيّة في العالم كله… الفلسطينيون يريدون سلاماً حقيقياً لكنهم يرفضون الاستسلام جملة تفصيلاً.