اعلن رسميا عن فوز دونالد ترامب لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الاميركية، وهو لم ينجح فيها عام 2020 ضد المرشح عن الحزب الديموقراطي جو بايدن، الذي فاز بالرئاسة وانسحب من الترشح لدورة ثانية لمصلحة نائبته كاميلا هاريس وتبنى ترشيحها الحزب الديموقراطي، فخسرت امام ترامب الجمهوري.
فعودة ترامب الى البيت الابيض، لها تداعياتها على المستوى الداخلي الاميركي، كما على الوضع الدولي، الذي يمر بازمات وحروب، وابرز المناطق المشتعلة عسكرياً، هي في فلسطين ولبنان، وامتدادهما الى ساحات محور المقاومة، التي لا تثق باي رئيس اميركي سواء كان من الحزب الجمهورية او الديموقراطي، لان كليهما يعمل لمصلحة وجود اسرائيل وحماية امنها، ودعمها بالمال والسلاح، بما يحفظ بقاء الكيان الصهيوني.
فالرئيس بايدن، دعم حرب العدو الاسرائيلي على غزة، وهو حضر الى اسرائيل بعد عملية “طوفان الاقصى” التي نفذتها “كتائب القسّام” في حركة “حماس” في 7 تشرين الاول 2023، ليعلن دعمه الكامل لهذه الحرب التي تحفظ وجود اسرائيل، التي لم يتأخر في نقل السلاح والمال لها، وكان يخدع الشعب الاميركي اولاً، ثم العالم، بانه يعمل لوقف هذه الحرب، لكنه لم يفعل، ومثله هاريس التي لو فازت بالانتخابات الرئاسية، لكانت بقيت على النهج نفسه الداعم لاسرائيل.
اما وقد خسرت هاريس ومعها الحزب الديموقراطي، وفاز الجمهوري ترامب، فان سياسته تجاه الكيان الصهيوني يتساوى فيها مع بايدن وهاريس، فلا احد متفائل في محور المقاومة، بان ترامب سيكون افضل من الذي سبقه من الرؤساء الاميركيين، الذين عملوا على انشاء الكيان الصهيوني وتوسعه، تحت شعار قيام “اسرائيل الكبرى”، التي هي شرط او ممر “لعودة السيد المسيح الثانية” وفق مزاعمهم التوراتية ـ التلمودية، التي بنيت عليها خطة وجود اسرائيل، التي كانت وراءها الحركة الصهيونية ومؤتمراتها وتغلغلها في الادارات الاميركية، ودول اوروبية.
فلا يأمل الفلسطينيون من فوز ترامب، ان يعطيهم حقوقهم، وهو من قال لرئيس حكومة العدو الاسرائيلي نتنياهو في لقائهم قل اشهر: انني انظر الى الخارطة، فارى اسرائيل صغيرة، محرضا لاستكمال اقامة “اسرائيل الكبرى”، وسعى الى ذلك عندما كان رئيساً منذ العام 2016، فاطلق مشروعه للمنطقة وسماه “صفقة القرن”، التي ذكّر فيها قيادي فلسطيني، في قراءته لفوز ترامب، بالتأكيد انه سيعمل على تصفية القضية الفلسطينية وهو اعلن عن ذلك في 12 ايلول 2020، وقبل نهاية ولايته الاولى، فكان اول رئيس اميركي ينقل سفارة اميركا من تل ابيب الى القدس الشرقية، التي اعترف بها عاصمة “لدولة اسرائيل”.
فترامب كما بايدن وغيرهما من رؤساء اميركا، يبقى وجود اسرائيل وأمنها، هما الثابت لدى الحزبين الديموقراطي والجمهوري، وهذا ما يسود الفصائل الفلسطينية، التي تخشى من ان تكون رئاسة ترامب الثانية الاخطر على فلسطين، التي انهى وجودها من خلال “صفقة القرن” التي سيكمل بتنفيذها، يقول القيادي الفسطيني، الذي يشير الى ان ترامب هو من اقفل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في اميركا، كما اعترف بضم اسرائيل الى الجولان، وعلى بناء المستوطنات في الضفة الغربية وتوسيعها، فاتخذت الفصائل الفلسطينية موقفاً سلبياً من ترامب، والتقت على الوقوف بوجه تصفية المسألة الفلسطينية، التي يعمل ترامب عليها، لكن عدم فوزه في الانتخابات الرئاسية في 5 تشرين الثاني 2020، جعل السلطة الفلسطينية تتراجع عن ترتيب البيت الفلسطيني لمواجهة التحديات والمخاطر، وراهنت على انتخاب بايدن رئيساً لاميركا لكنها خسرت الرهان، في الدعم الذي قدمه بايدن لاسرائيل، لا سيما في حربها على غزة.
فمع انتخاب ترامب لولاية رئاسية ثانية، فان المخاطر على المسألة الفلسطينية ستكون اكبر، مع تفعيل “صفقة القرن” والعمل “باتفاق ابراهام”، الذي يأتي بدول اخرى لعقد اتفاقات “سلام” مع العدو الاسرائيلي، تحت عنوان، ان “المسلمين واليهود اخوة” من نسل النبي ابراهيم وولديه اسماعيل واسحاق فلماذا الخلاف الاسلامي ـ اليهودي، وهذا ما قاله الرئيس المصري انور السادات للرئيس الاميركي جيمي كارتر عام 1976، واعاد نتنياهو التذكير بالاخوة الاسلامية ـ اليهودية، في خطابه امام الامم المتحدة منذ شهرين، وهذا ما فتح الباب، لدول عربية ان تطبّع مع العدو الاسرائيلي، وافتتح السادات الاعتراف والسلام مع اسرائيل في اتفاقية “كامب دايفيد” عام 1978، وكاد لبنان ان يكون الثاني بعد غزو اسرائيل له صيف 1982، لكن المقاومة الوطنية اسقطت “اتفاق السلام” الذي عرف باتفاق 17 ايار الذي عقد بعهد امين الجميل.
لذلك بدأت الفصائل الفلسطينية تتحضر للرئاسة الثانية لترامب، وماذا يحمل معه لتصفية المسألة الفلسطينية، فكشف القيادي الفلسطيني عن بدء اتصالات ولقاءات بين قيادات فلسطينية للبحث في اليوم التالي بعد انتخاب ترامب، وقيام حوار فلسطيني جدي والوصول الى وضع آليات تنفيذية تحمي القضية الفلسطينية من التصفية، التي سيسهّل حصولها ترامب، وعملت عليها كل الادارات الاميركية دون استثناء، في ظل حرب الابادة الاسرائيلية على غزة، والسيطرة على الضفة الغربية واستمرار بناء المستوطنات.