Site icon IMLebanon

“لا تلعبوا بالنار”… رسالة أميركية في غير محلّها

 

تكثر التكهّنات حول ما سيحصل في المنطقة، ولا يمكن حصر نيران الحرب في غزّة لأنّها يمكن أن تمتد إلى المحيط. وتحاول مصر حشر تل أبيب وتجنيب غزّة حرب إبادة وتكرار سيناريو النزوح السوري بلاجئين فلسطينيين جدد على أرضها. أما لبنان فيعيش لحظات حرجة وهناك تخوّف جدّي من جرّ «حزب الله» إلى حرب قدّ تُدمّر ما تبقّى من دولة.

 

تُجري حكومة تصريف الأعمال اتصالات مع جهات دولية من أجل تجنيب لبنان نار الحرب، لكن تلك الجهات تسأل رئاسة حكومة تصريف الأعمال ووزارة الخارجية عن جهودهما من أجل ضبط الحدود وعدم السماح للفلسطينيين بالتسلّل وتنفيذ عمليات في فلسطين، أو التواصل مع «حزب الله» لإبقاء جبهة الجنوب هادئة.

 

وتقوم باريس بجهد جبّار في هذا الإطار، وتعمل على وقف تمدّد الإشتباكات إلى لبنان، لكن المراجع اللبنانية ترى أنّ الضمانة الوحيدة التي يمكن الحصول عليها هي من الولايات المتحدة الأميركية التي ترعى بشكل كبير الوضع اللبناني.

 

وهناك تساؤلات عن مدى دخول واشنطن في مواجهة مباشرة خارج إطار حرب غزّة، وسط كثرة التحليلات اللبنانية وحديث «الممانعة» عن دخولها الحرب إذا قرّرت الولايات المتحدة الدخول في مواجهة مباشرة سواء مع «حماس» أو إيران أو «حزب الله»، لكن ما هو أكيد حتى الساعة، وجود قرار أميركي حاسم بتحييد لبنان عن حرب غزة على رغم عدم تأييد ما يقوم به «حزب الله». وظهرت رغبة أميركية في إبقاء «الستاتيكو» في الجنوب على ما هو عليه وعدم تسخين الأجواء أكثر.

 

وخلافاً لمحاولات «الممانعين» الترويج له عن وجود قرار أميركي بضرب «حزب الله»، تؤكد المعلومات عدم وجود هكذا قرار، لأنّ واشنطن تعرف حال لبنان جيداً، وأي قرار من هذا القبيل سيفجّر الوضع وسيجعل الدولة اللبنانية تنهار بشكل تدميريّ. ووسط المناوشات التي تحصل على الحدود الجنوبية، تُصرّ واشنطن على حصر تلك المناوشات بين الجيش الإسرائيلي و»حزب الله» وعدم توجيه تل أبيب ضربات للجيش اللبناني الذي تُعتبر واشنطن من أكبر داعميه.

 

وإذا كان القرار الأميركي واضحاً بعدم إقحام لبنان في حرب غزة والحفاظ على أمنه واستقراره، إلا أنّ هناك خطّاً أحمر في نظر الإدارة الأميركية لا يمكن تجاوزه، فإذا تجاوزه «حزب الله» ووجّه ضربات موجعة لإسرائيل مثلما فعلت «حماس» في عملية «طوفان الأقصى» عندها تسقط كل المحرّمات ولا تستطيع واشنطن ضبط ردّ فعل تل أبيب.

 

وتسعى واشنطن إلى إعادة إحياء معادلة فصل الدولة عن «حزب الله» والتي كانت سائدة منذ مدّة، على رغم معرفتها بسيطرته على القرار الإستراتيجي للدولة اللبنانية وخطفه قرار السلم والحرب وارتباط قراره بطهران وليس بما تقرّره الدولة اللبنانية. يُشكّل لبنان بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية موقعاً استراتيجياً متقدّماً لها على البحر المتوسط وفي الشرق الأوسط، ومن أجل ذلك بنت أضخم سفارة لها في الشرق الأوسط لتشكّل مركزاً قيادياً متقدماً، وتنشر عدداً من قواتها في لبنان، وعلى رغم غياب القواعد الأميركية العسكرية الكبرى، إلا أنّ الوجود الأميركي هو لتأكيد الحضور، والقول إننا موجودون ولبنان ليس للإيرانيين أو أي قوة أخرى.

 

ومن جهة ثانية، لا ترغب واشنطن في حرب بين لبنان وإسرائيل وهي التي تجهد من أجل تأمين أمنه واستقراره ومنع استكمال مسلسل الإنهيار، وقد نجحت في مهمة ترسيم الحدود البحرية وكانت ستُطلق مسار إنهاء المشكلات الحدودية البرية قبل حرب غزة. وصلت الرسالة الأميركية إلى القادة اللبنانيين ومفادها «لا تلعبوا بالنار»، لكن واشنطن تعرف أنّ قرار الحرب والسلم في يد «حزب الله» وليس قادة الدولة، لذلك يبقى سيناريو التصعيد وارداً في أي لحظة.