IMLebanon

“منطقة عازلة” في الجنوب وغزة: إحياء تجربة “لحد”؟

 

 

 

يُراقب اللبنانيون تطورات الحرب في غزة ومدى توسّعها في المنطقة، وسط خشية من دخول البلاد المنهارة إقتصادياً ومالياً في حرب قاسية يجرّهم إليها «حزب الله. ويعي المجتمع الدولي خطورة الوضع اللبناني، لذلك تتوالى الدول في نقل التحذيرات للدولة اللبنانية من مغبّة إدخال لبنان في أي مغامرة عسكرية.

 

يزداد الوضع في غزة تدهوراً، فتل أبيب تضرب من دون رحمة. ولم يستطع أحد فكّ الحصار عن غزة وسط الحديث عن التحضير لاجتياح برّي للقطاع. ويتوالى طرح الأفكار في إسرائيل عن إمكانية الحسم السريع وغير المكلف، في حين لا يعرف أحد المدى الذي ستصله حرب غزة وامتدادها إلى المنطقة، ولا سيما لبنان.

 

وبعد التحذيرات الأجنبية، لا تملك الدولة اللبنانية قرار السلم والحرب، إذ إنّ هذا القرار لـ»حزب الله» وليس للحكومة اللبنانية. وفي السياق، تتخوف مصادر ديبلوماسية من إمتداد الحرب إلى لبنان على رغم التحذيرات الفرنسية والأميركية، لأنّ قرار «الحزب» مرتبط مباشرةً بطهران وليس ببيروت. لكن ما يثير الخوف، هو تأكيد مصادر ديبلوماسية غربية أنّ إسرائيل كالذئب المجروح، إذا افتعلت أي جهة إشكالاً معها فستردّ بطريقة غير مسبوقة. وتحذّر المصادر من الأفكار التي تُتداول في تل أبيب وآخرها ما يُبحث في الكنيست الإسرائيلي كإحتلال أجزاء من غزة وجنوب لبنان وإنشاء منطقة عازلة، على غرار تجربة «جيش لبنان الجنوبي» الذي تشكّل خلال فترة الحرب وبقي حتى الإنسحاب الإسرائيلي.

 

وحسب المصادر، يُبدي أعضاء من الكنيست إصراراً على قيام هذه المنطقة، ولن يقتصر الأمر على طرحه في الكنيست، بل سيضغطون على الحكومة الإسرائيلية من أجل مباشرته. ويتطلّب المشروع لتحقيقه احتلال أجزاء من الشريط الحدودي اللبناني ومن غزة بعد اجتياح بَرّي، لكن هذه الفكرة دونها عوائق كثيرة، إذ لا يمكن إحياء تجربة «جيش لبنان الجنوبي» أو ما عرف لاحقاً باسم «جيش لحد» لأكثر من سبب. أنشئ «جيش لبنان الجنوبي» عام 1976 بعد مواجهات دامية بين قسم من اللبنانيين والفدائيين الفلسطينيين الذين استباحوا أرض الجنوب ومناطق في لبنان، فذاك الجيش كان موجوداً في الجنوب ويمثّل الشرعية، هاجم الفلسطينيون ثُكنه في مرجعيون وأسقطوها، وقد تشكّل بقرار رسمي اتخذته الدولة اللبنانية، إذ قال رئيس الجمهورية آنذاك الياس سركيس للرائد سعد حداد «تعاملوا مع الشيطان لكي تخلّصوا أنفسكم والمنطقة».

 

ومن جهة ثانية، أمّنت «الجبهة اللبنانية» برئاسة الرئيس كميل شمعون غطاء لهذا الجيش، بعد مناشدات أهل المنطقة وبينهم شيعة ضاقوا ذرعاً بانتهاكات الفلسطينيين واستباحة قراهم، إضافةً إلى أنّ جنوده من الجيش الذي تخلّت عنه الدولة. أما اليوم فالواقع مختلف كلياً عن ظروف الحرب، ولا إمكانية لتشكيل هكذا جيش، في حين يعتبر الوضع في غزة مختلفاً تماماً، فهناك تنحصر المواجهة بـ»حماس» ضدّ إسرائيل ولا يوجد محتل آخر للقطاع.

 

ومن جهة ثانية، لا تسمح الظروف السياسية بتشكيل هكذا قوّة لأن إسرائيل تدخل المواجهة مباشرة، وتصرّ تل أبيب على إنهاء حالة «حماس» و»قصقصة» جوانحها.

 

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة حالياً، ويبقى الأساس بالنسبة الى لبنان تجنيب المواجهة، ولذلك تجهد الدول التي ترعى الوضع اللبناني إلى حماية البلد وسط انشغال الجميع بمشكلاته الداخلية، ولا أحد من القوى الفاعلة يفكّر في لبنان في الوقت الراهن، وبالتالي يجب انتظار مزيد من الوقت لمعرفة اتجاه الأحداث.