IMLebanon

هولوكوست غزّة

 

هي إبادة افتعلتها إيران وحماس والجهاد الإسلامي (الإيرانيّة) ـ وقد كان في الثمانينات هذا هو الإسم السرّي لحزب الله الذي يُنفّذ به عمليات التفجير كمركز المارينز الأميركيين قرب المطار ومركز المظليّين الفرنسيّين في منطقة السبينس، إلى السفارة الأميركيّة في منطقة عين المريّسة ـ وهي إبادة يتواطؤ وتُشارك فيها كلّ الدّول العربيّة والإسلاميّة بالتّكافل والتّضامن مع إسرائيل، فلا يغرنّكم مثلاً غضب الرئيس التّركي على مجزرة مشفى المعمداني أو لما يحدث في غزّة فهو في نفس الوقت مثلاً يزوّد إسرائيل بالبطاطا بعد تَلف محصولها في غلاف غزّة!

 

هي إبادة فعليّة، عندما يقف رئيس أكبر دولة عربيّة على منبر مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس، من دون أن يستنكر تحويل 500 فلسطيني معظمهم أطفال إلى أشلاء ويقف إلى جانبه المستشار الألماني أوّل المؤيّدين للمجازر الإسرائيليّة، من دون استنكار مجزرة مشفى المعمداني لأنّه اكتفى باستنكارها على facebook ، ثمّ طلب من إسرائيل أنّه إذا كان من الضرورة تهجير فلسطينيّي غزّة فلا ترموهم في سيناء حتى لا تحصل مشاكل لاحقاً على الحدود بيننا وبينكم «كبّوهن» في صحراء النّقب! مؤسف أن يجري الحديث عن فلسطينيّي غزّة وكأنّهم حشرات أو وباء يتوجّب إلقائهم في صحراء ما، رحم الله الرئيس جمال عبد النّاصر الذي ظلّ قابضاً على فلسطين وقضيتها  ولم تخرج من يده إلا بعد الهزيمة القبيحة، كان ممنوعاً على الفلسطينيّين أن يمثّلوا أنفسهم في جامعة الدّول العربيّة التي أنشأها الإستعمار البريطاني لضرورة تسليم فلسطين بخيانة عربيّة عظمى لليهود!!

 

هي إبادة فعليّة، بالأمس قتلوا 42 فردأ من عائلة المغاري في مخيّم المغازي، لقد دمّروا كلّ الأحياء والمساكن، لم يعد هناك مكان يلجأ إليه الفلسطينيّون سوى مراكز الأونروا والمشافي التي يفترض أنّها آمنة ومع هذا ينذرونهم بإخلائها، يريدونهم في العراء، فإبادتهم في العراء ستُمتع طائرات الأباتشي الإسرائيليّة وهي تطاردهم بهدوء وتقتلهم واحداً واحداً، من يذكر اليوم هدى غالية التي ظهرت على القنوات الفضائية وهي تبكي بالقرب من جثمان سبعة من أفراد عائلتها على شاطئ بحر غزة في نهار يوم الجمعة بتاريخ 9 حزيران 2006 بين الساعة 4:31 وَ 4:50 عصراً، هكذا تريد إسرائيل أن تبيد الفلسطينييّن وقد نجحت في ذلك فقد أخرجت أكثر من 50 عائلة من السّجلات، والبقيّة تأتي!!

 

هي إبادة افتعلتها إيران وحماس، كان المشهد كأنّه «هيلاهوب» وأصبح الشباب خلف خطوط العدو في ليلة  ظلماء، لم تحسب إيران حساب قرار سياسة الأرض المحروقة والإبادة الجماعية، وانقلب السّحر على السّاحر ويدفع الثّمن المدنيّون الأبرياء! حزب الله يُدرك أنّه إذا أشعل الجبهة الشماليّة وفعل «هيلاهوب» في مستوطنات العدوّ ما فعلته حماس في غلاف غزّة فإنّه سيواجه عسكريّاً دول العالم وليس إسرائيل فقط، وأنّه سيواجه سياسة الأرض المحروقة والإبادة الجماعيّة، وهو أيضاً مثل حماس يخبّئ صواريخه بين الناس وفي الأنفاق وتحت البيوت، وأنّ العدوّ الإسرائيلي لن يرحم أحداً، سنواجه مصير غزّة وسيخرج الناس من منازلهم لكن لن يعودوا إليها، نحن أمام مأساة تورّط فيها الجميع، لقد درّبت إيران مجموعة حماس وأرسلتهم لينفّذوا عمليّة نوعيّة تحوّلت إلى مأساة إنسانيّة لا تُصدّق، وحيث يحلّ الفرس يحلّ الخراب!

 

أمام هذه الإبادة نقول أيضاً إنّه في لبنان من المحزن أن نرى بعض مسيحيي لبنان يبدون الشّماتة والسّخرية ممّا يحدث في غزّة، ولكن وهم في غفلتهم، نسوّا أنّهم ليسوا بمنأى عن الإبادة إذا ما اشتعلت الجبهة الشماليّة فمناطقنا في لبنان عبارة عن قنبلة موقوتة بالسوريّين ونحن على حافة حرب أهليّة، وقد خسروا حربهم الأولى التي استمرت 15 عاماً مطلع تسعينات القرن الماضي بعد أن دمّروا مناطقهم بأيديهم وتسببوا بهجرة مسيحيّة كبيرة، وما يحلمون اليوم به من كانتون يأويهم وحدهم، ليس أكثر من أضغاث أحلام تلعب بعقولهم، لأنهم سيعودون إلى تقتيل بعضهم بعضاً ونظرة على مشهد انتخاب رئيس جمهوريّة كافٍية لتأكيد ما ذهبنا إليه فهم لا يتفقون أبداً!

 

هي إبادة، سواء أرسلوا إلى جنوب غزّة أم إلى صحراء النّقب أم إلى موت جماعي على الطريق، لم يبقَ في مواجهة هذه الإبادة سوى تلك العجوز التي مرّت على رأسها كلّ المآسي الفلسطينيّة «تُرندح» بتجاعيد عمر شاهدٍ على النّكبة «شدّوا بعضكن يا أهل فلسطين شدّوا بعضكن.. راحت فلسطين ما ودّعتكن..ع ورق صيني لكتب بالحبر عورق صيني.. عاللي جرالك يا فلسطينِ»، بعد غزّة سيأتي دور الضفة، وبعدها القدس الشرقيّة، إسرائيل وكلّ العالم معها ينفّذون «خارطة الدّم» بدم الشّعب الفلسطيني، فيما العرب يلهثون وراء التطبيع مع من صنعوا لهم دولهم وعروشهم!