ليس تفصيلاً بسيطاً ان تبدأ الدول الغربية الكبرى، وبعض الدول العربية، بدعوة مواطنيها الى مغادرة لبنان فوراً، مصحوبة بعبارة “ما دام هناك سبيل لذلك”، بما يوحي وكأن البلاد مقبلة على حرب كبرى، بدأت بشكل أو بآخر على الحدود الجنوبية ويمكن أن تتوسع أكثر، كذلك يوحي بأن إمكان المغادرة بعد اندلاع الحرب لن تكون سهلة، وهو مؤشر الى توقعات هذه الدول بضرب مطار بيروت، او تقطيع سبل الانتقال من مناطق الى أخرى.
في الساعات الماضية، أثارت الدعوات الموجهة من قبل بعض الدول إلى رعاياها، من أجل مغادرة الأراضي اللبنانية على وجه السرعة، الذعر في صفوف المواطنين، خوفاً من أن يكون ذلك مقدمة لعدوان إسرائيلي على لبنان، أو أن يكون نابعا من معلومات لدى هذه الدول عن مخططات لدى “تل أبيب” بفتح الجبهة قريباً، خاصة ان أغلب هذه الدول تملك علاقات مميزة مع العدو الاسرائيلي، وهي من الداعمين الأساسيين له في حربه على الانسانية في غزة.
من حيث المبدأ، وبعيداً عن نشر الذعر، تشير أوساط متابعة إلى أن هذه الدعوات أو التحذيرات قد تكون روتينية، إنطلاقاً من الأوضاع المتوترة التي تشهدها الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وبالتالي كان من الطبيعي أن تعمد الدول المعنية إلى دعوة مواطنيها إلى عدم السفر إلى لبنان أو مغادرته، وتؤكد أن الموضوع لا يجب أن يعطى أكثر من حجمه، لا سيما أنها في الأصل تعمد إلى هذا الأمر عند حصول توترات أمنية عادية في أي منطقة لبنانية، ومنذ زمن ليس ببعيد قامت المملكة العربية السعودية بإعلان قرار مماثل.
في المقابل، هناك من يعتبر أن ذلك يأتي من باب التهويل على اللبنانيين، الذي تمارسه العديد من الجهات الدولية منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى”، في إطار التحذير من خطورة دخول حزب الله في الحرب، ربطاً بتطور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وتلفت الاوساط إلى أن الطبيعي كان أن تعمد تلك الدول إلى تحذير مواطنيها من التوجه إلى مناطق محددة، أي تلك الواقعة على مقربة من الحدود، لكن شمول ذلك كل الأراضي اللبنانية أو الدعوة إلى مغادرة البلاد، لا يمكن أن يكون أمراً عادياً بالنسبة الى الذين يتبنون هذه الرؤية، وبالتالي هم يقرأون هذه الدعوات كمقدمة لتوسع رقعة الحرب، بحيث قد يملكون معلومات عن سعي العدو الاسرائيلي الى استكمال مخططه في غزة، وفتح الجبهة الشمالية مع حزب الله.
يعتمد هؤلاء على ما يقوله “الاسرائيليون” أنفسهم، خاصة بعد زيارة الرئيس الأميركي بايدن الى “تل أبيب”، حيث يُشير المسؤولون “الاسرائيليون” الى أن الكيان يستعدّ لمرحلة طويلة من الحرب، ليس في غزة وحسب بل مع حزب الله أيضاً، معتمدين على الدعم الأميركي المطلق، رغم ما قاله بايدن بعد عودته الى الولايات المتحدة عن أن بلاده لم تُبلغ “الإسرائيليين” بنيتها دخول الحرب بحال دخل حزب الله الى الصراع.
بالمقابل، فإن استعدادات محور المقاومة تتوسع أيضاً، بعد بدء العمليات ضد الأميركيين في العراق، وإعلان الناطق العسكري باسم كتائب حزب الله العراقي جعفر الحسيني عن بدء عمليات المقاومة في العراق، بدخول معترك المعركة وبتوجيه ضرباتها إلى القواعد الأميركية، وذلك ما يتناسب مع ما يقوله مرجع سياسي بأن دخول حزب الله الحرب سيعني أن اكثر من جبهة ستُفتح ، ولن تكون الجبهة اللبنانية وحيدة في هذه الحرب.