IMLebanon

إنتصارٌ آخر

 

إن وضعتَ أمام أي محلل عسكري، أو أي صحافي، أو أي عاقل، أو أي تلميذ، في الصف الإبتدائي الأوّل هذه الإحصائية الآتية:

 

الإصابات: 330 مقابل 1910.

 

القتلى: 12 مقابل 269.

 

الوحدات السكنية المهدّمة أو المتضررة بشكل كبير: صفر مقابل 1335.

 

وسألته: “أيهما تعتقد أنه انتصر في المعركة”؟

 

وسيجيب: بحسب الأرقام، أن الأقل تضرراً هو المنتصر.

 

أما إذا كان الأقل تضرراً هو “الكيان الغاصب”، فذلك لا يعني شيئاً. أو بالأحرى يعني أن المقاومة الإسلامية انتصرت ولقّنت العدو درساً لن ينساه.

 

لنعد إلى الوقائع:

 

أُطلق من قطاع غزة في 11 يوماً من حملة “حارس الأسوار”حوالى الـ 4070 صاروخأ، أما نسبة نجاح منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية فكانت 90%. بعض قذائف “عز الدين القسّام” و”الجهاد الإسلامي” ضلّت أهدافها، وبعضها أصاب بشكل مباشر، منصة غاز في البحر المتوسط ما أدى إلى إغلاق حقل “تمار”، كما ألحقت الصواريخ الفلسطينية أضراراً جسيمة بأنبوب النفط إيلات-عسقلان، وأربكت حركة الطيران وعطّلت روتين الحياة في تل أبيب.

 

وفي الجانب الفلسطيني، لم تسلم منشأة إقتصادية أو صناعية أو زراعية أو مرفق أو محوّل أو مقرّ حكومي في قطاع غزّة من التدمير الجزئي أو الكلي أو الأضرار المعقولة. إمكانات “العدو” الهائلة مقابل عدم امتلاك الجانب الفلسطيني منظومة دفاع جوي فعّالة، يبرران التفاوت في خسائر الطرفين.

 

بمعزل عن الأرقام والوقائع فالإنتصار في العام 2014 ضد حملة “الرصاص المصبوب” تجدد في الـسنة 2021. فعبّرت عنه المخيّمات الفلسطينية وبيئة “حزب الله” وبعض الدول العربية والإعلام العربي، بمظاهر الفرح والإبتهاج. لم يقتصر الأمر في لبنان على الخط الممانع والمعاند والمنتصر على طول، بل تمدد إلى حرم مجلس النواب، فتبادل الشباب التهاني في جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية إلى نواب الأمة مع قبلات مؤجّلة، التهاني بهزيمة العدو لا بتوافق ديكة التشكيل على الحكومة. ما كان ينقص المشهد سوى أن يتولى موظفو مجلس النواب توزيع البقلاوة والبيتي فور والمعمول بجوز والعصائر والكوفيات على المشاركين في جلسة السبت التاريخية، المنتشين بالنصر وتحرير القدس.

 

أسوأ ما قد يصيب مواطناً عاقلاً معنياً بقضايا البلد والأمة، أن ينقضي عمره على وتيرة انتصارات مشابهة، أو أن ينقصف في عدوان أو ردّ على عدوان.