Site icon IMLebanon

الظلُّ الرئاسي ولعبةُ الأمم

 

 

أين هي، تلك القيادات اللبنانية والزعامات الصاخبة، وقد كانت تملأ الدنيا ضجيجاً، وبالضجيج تشغل الناس…؟ طبول الحرب تُقرع وهي لا تسمع، حتّى صوتَ المدفع لا تسمع.

 

وبالإذن، من التحرّك المتعاكس للنائب جبران باسيل، فإنّ «طوفان الأقصى» يطغى على ما يشبه العاصفة في فنجان… يتحرّك النائب جبران بوصفه ظلاًّ رئاسياً، والعنوان: «حماية لبنان وتعزيز الوحدة الوطنية»… ويوم كان في يـده الصولجان، كان من بعده الطوفان.

 

من يريد حماية لبنان، هل يشنّ الحرب على الجيش وقائد الجيش…؟

 

كمثل الحملات التي خاض ضـدّ شتّى القيادات، بمن فيهم الذين قام بزيارتهم…؟

 

أمّا بعد، فلْنَنْتقل إلى الأمر المهمّ… وفي الملمّات لا مجال للهزليَّات ونسأل: عن أيِّ وجه ستسفر أجواء الحرب السائدة في المنطقة…؟ وهلْ سيتغيّر وجـه الشرق الأوسط كما يقول هتلر الحرب نتنياهو…؟

 

العالم الشرقي والعالم الغربي معسكران يتحاربان حتى الآن بالأسلحة المباشرة التي هي الحلفاء… والحلفاء في مفهوم غرفة العمليات الدولية ليسوا سوى البندقية التي تلفظ النار، تحت إمـرة الأصبع الذي يضغط على الزناد، يعني أنَّ الجنود يتساقطون في المعركة والملك هو البطل.

الولايات المتحدة مثلاً، تنظر إلى الحلفاء على أنّهم عقْـدٌ يرتبط بعهدٍ مصلحي، ولذلك يقول المثل الأميركي: «إنّ التحالف والصداقة كالمظلّة تُفتح متى ساءتْ حالة الطقس.

 

هذا يعني أنّ قرار الحرب والسلم وقرار الحـلّ، رهينة في أيدي الدول الكبرى والدول النافذة… ولكن، هل يجب أن يكون الحـلّ دائماً بالدم …؟

 

يقول الأديب الفرنسي «ألبير كامو» في مسرحية كاليغولا: «إنّ ممارسة الحرية وإن اختلطت بالدم، إلا أنّ البطل قد اكتشف بعد فوات الأوان أنّ الحـلّ ليس بالقتل…».

 

لا… ليس صحيحاً أنّ الدول الكبرى والنافذة يقتصر دورها على دعم الحلفاء، بل إنّ كلّ فريقٍ معنّي بنتائج الحرب، وهو يحسب حساب الثمن العسكري والمادي والمعنوي والسياسي والإقتصادي، الذي سيجنيه من الحرب، سواء كانت محدودةً أو موسّعة.

 

على الصعيد الإسرائيلي: عندما يعتبّر نتنياهو، أنّ القضاء على حركة حماس هو مسألة حياة أو موت، فهذا يعني أن المقاومة الفلسطينية التي سجَّلَتْ أنموذجاً عسكريّاً مذهلاً بواسطة «طوفان الأقصى»، فإنْ هي استطاعت تنمية قدراتها العسكرية ومقاومتها وأنفاقها، فهي تشكّل خطراً وجودياً حقيقياً على إسرائيل، مع تنامي الروح الثأرية الفلسطينية الغاضبة، وتراخي المناعة الشبابية الإسرائيلية المقاتلة، فإذا المعادلة الإسرائيلية: إمّا أن تقضي إسرائيل على المقاومة الفلسطينية اليوم، وإما أنْ تقضي المقاومة الفلسطينية على إسرائيل غداً.

 

على الصعيد الأميركي والأوروبي: ليس صحيحاً أن هذه الأساطيل الضخمة المستنفرة في المنطقة، هي حصراً لتأمين الدعم العسكري لإسرائيل، فقد كان من الممكن أن تؤمّن لها هذا الدعم بواسطة جسْرٍ جـوّي.

 

وليس صحيحاً أن هذا الإنخراط الأوروبي الحاشد في جبهة الحرب هو موقف سياسي داعم لإسرائيل، بل إن الأمر يتعلق بالمصالح الأميركية والأوروبية: الإستراتيجية والسياسية والإقتصادية والأمنية، والتي باتت مهدّدة في المنطقة، في ظلّ توسّع الإنتشار العسكري الإيراني، وتمادي النفوذ الروسي والصيني، والتنافس على استثمار الحلفاء والأسواق، وموارد النفط وطريق الحرير.

 

عندما يعتبر قادة الغرب أن المعركة ضـد حركة حماس هي معركة على الإرهاب، وعندما يُعلن الرئيس الفرنسي «ماكرون» «أنّ إيران تحاول زعزعة الأمن في الشرق الأوسط، ونحن نواجه المجموعات الإرهابية التي تهددنا جميعاً».

 

فهذا يفسر وضوحاً بالنسبة إليهم أن استهداف حركة حماس يعني أيضاً إستهداف أذرع إيران في المنطقة والتي «تهددهم جميعاً».

 

وحتى لا نغوص كثيراً في التحليلات، قبل جلاء المعركة مخافة أن نُضْفي على العقل غماماتٍ من الغموض، فإن أبرز خلاصةٍ يفسِّرها لنا الشاعر في هذا المجال عندما قال:

 

يا منْ يبشّرُ أنَّ الحربَ قدْ خمَدتْ            نيرانُها لا تصدّقْ كلَّ مبتدِعِ

فما المدافعُ فـي الدنيا بساكتةٍ                 ما دامَ في كلِّ نفسٍ مِدفعُ الطمَعِ