IMLebanon

مخاطرة بالشرعيتَين… برسم السنّة

 

لا يستطيع أحد إيهام نفسه أو غيره بأنّ اللبنانيين كتلة متراصة وراء «حزب الله» فيما لو استدعت مصلحة «محور المقاومة» رفع مستوى المُشاغلة بالنار الى خوض الحرب منعاً لخروج «حماس» من معادلة الصراع.

 

وإذا استثنينا الكلام التعبوي الذي يطلقه إعلام الممانعة، ورياء حلفائها المسيحيين، وسألنا اللبنانيين مباشرة: أترغبون في الحرب ومستعدون لتكاليفها؟ لأكّدت الأكثرية الساحقة أنها كارثة تضاف الى الانهيار، ونتائجها في أحسن الحالات تدفيع إسرائيل ثمناً باهظاً ندفع أضعافه لعدم تكافؤ الإمكانات، ناهيك بكونها خيار حزب أو طائفة لا يمثل الدولة، ولا كل لبنان.

 

هناك حلّ وحيد يمنع اليوم الحرب في الجنوب، ويؤسّس للاستقرار غداً في كل البلاد، هو نشر الجيش والقوات الدولية فوراً على الحدود. وكلّ موقع مؤثّر يشيح النظر، يتحمّل مسؤولية ذريعة أي عدوان والتقصير عن واجب استعادة المؤسسات والأمان للمواطنين.

 

على «حزب الله» تقع المسؤولية الأولى عن تداعيات حرب قد ينزلق اليها جارّاً معه لبنان، لكن لا فائدة من النقاش معه. منطقه مختلف ومتماسك ويتجاوز السياسة بما هي تدبير شؤون الناس وحياتهم، الى المقدَّس، ولو جافى مصلحة الدولة ومواطنيها أفراداً ومكوّنات يحق لهم القول: «لبنان أولاً»، وأولادنا يستحقون الحياة.

 

المسؤولية الثانية تتحمّلها الحكومة، مَن حضر ومَن قاطع. ولا يعفيها من مسؤوليتها، لا «تصريف الأعمال» ولا رفع اليدين استسلاماً في ظل استهجان «انتو وين عايشين؟». فالحكومة الميقاتية من رأسها حتى كعبها قبلت راضية مرضية احتكار السلطة بحجّة رفض الفراغ. وهو خيار يغطّي المعطّلين ويستمتع به مَن يُصادر توقيع الرئيس الماروني، وحليفُه «قافل البرلمان» كأنه ملك خاص.

 

المسؤولية الثالثة تتحمّلها الطائفة السنّية لنكوصها مجدداً عن «الدولة» لحساب «الأمة». فباستثناء شخصيات صاحبة موقف جريء، فإن «المجلس الشرعي» اختار الانضمام الى «الشارع» الذي بات في غياب اعتدال «تيار المستقبل» حكراً على الأصوليين وخريجي الأجهزة. وهؤلاء، بإعلانهم المشاركة ولو الفولكلورية بعمليات عسكرية من الجنوب، وجّهوا طعنة الى حمايتنا الأممية بواسطة «اليونيفيل» والى «اتفاق الطائف» بالتحديد، الذي شكلت الطائفة السنية عصبه الأساس وضمانته لاستعادة وحدة الدولة وسيادتها وترميم العلاقات بين الطوائف.

 

نعلم أنّ القضية الفلسطينية تمزج الوطني والعربي بالإسلامي، وأنّ «حماس» ترفع جرعة العنصر الديني والغيبي في الصراع. لكن فتح «دار الافتاء» البابَ لمسؤوليها وممثلي «الجهاد»، واستنكافها عن إعلان الرفض المطلق للحرب، يوجّهان ضربة الى المرجعية الدستورية الأساسية التي توصَّل اليها اللبنانيون بعد حرب كلفت 150 ألف قتيل، وطعنة الى القرار الدولي الناجم عن دمار حرب تموز 2006، ويتسبّبان مجدّداً في شرخ وطني لا تردمه الشعارات.

 

إذا وقعت الحرب التي أكد الأمين العام لـ»حزب الله» أنها أكثر من احتمال، فيتحمل كل هؤلاء، ليس مسؤوليتها فحسب، بل أيضاً خطر ضرب الشرعيتين، الدولية المتمثلة بالقرار 1701، والمحلية وعنوانها «اتفاق الوفاق». وحينها يكون «طوفان الأقصى» جرَف في طريقه لبنان بدلاً من إسرائيل.