على اللبنانيين ان يتحضروا لارتفاع فواتير الاشتراك في المولّدات
بعد تطمينات عديدة صدرت عنه في الأيام الماضية، اعترف أمس ممثل شركات موزّعي المحروقات فادي أبوشقرا أنّ «هناك بعضاً من مادة البنزين في السوق ولكن المازوت مقطوع»، ولكن هذا التصريح لم يكن مفاجئا للبنانيين الذين يعانون منذ أسابيع من نقص بالبنزين، ومن استحالة الحصول على المازوت بسعره الرسمي.
«هي ليست الأزمة الاولى، ولن تكون الأخيرة»، تقول مصادر متابعة، مشيرة إلى أن هذه الأزمة انطلقت في الثلث الأول من شهر أيلول، يوم قامت نقابة أصحاب المحطات بمطالبة المصرف المركزي الموافقة على تأمين اعتمادات باخرة او اثنتين ليتم تفريغها لتفادي أزمة خانقة، ولكن هذا الأمر لم يحصل فوصلنا الى الأزمة الخانقة.
تشير المصادر الى أن أسباب هذه الازمات متعددة، كما أنها تختلف من منطقة الى أخرى، وهذا ما شعر به أبناء المناطق التي تعاني أكثر من غيرها، مشددة على أن السبب الأول والأبرز لانخفاض مخزون البنزين في الأسواق، هو عدم مبادرة مصرف لبنان لتأمين الاعتمادات الدولارية اللازمة للاستيراد، وهذه المشكلة لن تكون قابلة للحل، بل على العكس تماما ستتفاقم بالأيام المقبلة، تمهيدا لتخفيف الدعم عن البنزين، والمازوت على حدّ سواء.
وتضيف المصادر : «يدعم مصرف لبنان المحروقات بنسبة 90 بالمئة، على سعر الصرف الرسمي للدولار، وهو غير قادر على الاستمرار في فعل ذلك، وقد يتجه في شهر تشرين أول الى اتخاذ خطوة اولى في تخفيف الدعم من 90 بالمئة الى 65 بالمئة، لتأتي بعدها الخطوة الثانية بمزيد من تخفيف للدعم»، مشيرة الى أن هذه الخطوات ستعني مزيد من أزمات البنزين في الأيام المقبلة، وسعر الصفيحة سيصل الى 40 الف ليرة، هذا بحال لم يرتفع الدولار بشكل جنوني.
منذ ما يُقارب الـ 10 أشهر حصلت أزمة محروقات كبيرة طالت محطات البنزين، ومعامل الكهرباء، ومولدات الكهرباء، ويومها ارتفع الصوت لمطالبة وزارة الطاقة العمل مع مصرف لبنان على إيجاد حل نهائي ودائم لمشكلة الإعتمادات المصرفية لبواخر استيراد المحروقات، ولكن اليوم بحسب المصادر لم تعد المشكلة بالبحث عن هذا الحل، إنما أصبحت في عدم توفر الدولارت اللازمة لاي حل، وبالتالي انتقلت المشكلة من تقنية الى مالية، وحلّها ربما لم يعد بيد المسؤولين.
ستتكرر أزمات البنزين لحين رفع الدعم عن المحروقات، وستشتد الازمة باليومين المقبلين، قبل أن تعود وتخف وطأتها بنهاية الأسبوع، وحين يُرفع الدعم ستصبح المشكلة لدى المواطنين الذين سيضطرون الى دفع ثلاثة أضعاف ما يدفعونه الآن ثمنا للصفيحة، ولكن كل هذه الأسباب لا تفسر سبب معاناة مناطق لبنانية، وتحديدا الجنوب والبقاع، اكثر من غيرها.
تؤكد المصادر أن هناك بعض الشركات ترفض التعامل مع محطات الجنوب والبقاع، بسبب الخوف من العقوبات عليها في مرحلة مقبلة، فهي تعتبر أن هذه المحطات، وهي محطات كبيرة ومعروفة، ترتبط بحزب الله ارتباطا وثيقا، وفي زمن العقوبات قد يأتي من يسأل هذه الشركات عن علاقتها بهذه المحطات، لذلك فهي تمتنع عن مدّها بالمحروقات، وتبادل الدولارات والأموال معها.
وتضيف المصادر : «هناك شركات أخرى لا تريد تسليم المحروقات للجنوب والبقاع لاجل زيادة الضغوط والحصار على اللبنانيين في تلك المناطق، لذلك تعمد الى تقنين التسليم، وبدل أن تسلم كامل الحصة للمحطات، تسلّم 20 بالمئة منها، ما يجعل المحطة فارغة مع انتهاء اليوم الأول من الأسبوع».
كذلك هناك عمليات التهريب التي تحصل من البقاع، والتي تؤثر على توافر المحروقات في السوق البقاعي، الامر الذي يجعل سعر صفيحة البنزين في البقاع تصل الى حدود الـ 40 ألف ليرة.
إن هذه الممارسات لن تتوقف قريبا، ونقص المحروقات لن ينتهي قريبا، وبالتالي لا داعي لتطمين اللبنانيين بشأن ملف لا يُطمئن، بل يمكن القول لهم أن يتحضروا لأزمة مولدات كهرباء جديدة، ولارتفاع جديد في فواتير الاشتراك بعد فقدان مادة المازوت من الأسواق، والعودة الى السوق السوداء، رغم الوعود بأن التوزيع سيعود اليوم، وذلك كله بعد فترة راحة نسبية مرت بعد تسمية مصطفى أديب، وقبل اعتذاره. فهل هناك من يقول بأن «السياسة» لا تتدخل في كل الملفات؟