IMLebanon

جعجع يناور وعون يعوّل على مفتاح الترشيح

ما الذي حلّ بالمبادرة الرئاسية، وما هو مصيرها؟

المؤكد حتى الآن ان هذه المبادرة، التي ترمي لانتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً، وضعت في الثلاجة او على الرفّ حتى اشعار آخر، لكنها لم تمت كما عبّر الرئيس نبيه بري «لأن اصحابها متمسكون بها».

واذا كانت المعارضة الداخلية لها قد فرملتها، فان ما حصل على محور العلاقة السعودية ـ الايرانية من تصعيد وتوتر مؤخراً زاد من الضرر الذي اصابها اصلا، وساهم في اضعافها الى حدود التلاشي على الاقل في الوقت الحاضر.

ويبدو ان تراجع هذه المبادرة احدث تعديلاً في جدول التعاطي معها من قبل اصحابها وخصومها. فالرئيس سعد الحريري، الذي كان ينوي اعلان ترشيح فرنجية في بداية العام، فضّل التريث بعد التداعيات التي تلت اعدام الشيخ نمر النمر بانتظار جلاء المشهد العام.

وحسب الاجواء التي تسربت مؤخراً عن معراب فان الدكتور سمير جعجع خطا الخطوة نفسها، وتراجع في الوقت الحاضر عن ترشيح العماد عون للرئاسة خصوصاً انه كان يرغب في اعلان هذا الترشيح بعد اعلان الحريري ترشيحه لفرنجية.

وفي حسابات جعجع ان المبادرة الرئاسية ارجىء استكمال ترويجها الى حين انقشاع مسار العلاقات السعودية ـ الايرانية، وبالتالي فانه ليس مضطرا أن يقدم اليوم على ترشيح عون بغض النظر عن خلفيته واهدافه الحقيقية.

ولا شك ان رئىس حزب «القوات» وجد في تصاعد حدّة التوتر بين الرياض وطهران مؤخراً فرصة مهمة لأخذ النفس من الضغط الذي تعرّض له بفعل المبادرة الرئاسية، ولم يعد بحاجة الى الاستعجال في تسمية عون للرئاسة وان كان من باب المناورة كما يرى البعض.

وبغض النظر عن الفترة التي ستبقى خلالها المبادرة مجمّدة، فان الاعلان عن رغبة ونية جعجع في ترشيح عون خلق اجواء وطرح تساؤلات عديدة على غير محور.

ووفقاً لقراءة مصادر متابعة فان العماد عون مهتم بهذه المبادرة ويعوّل عليها رغم الشكوك التي تيحط بالاهداف الحقيقية لجعجع، مع العلم أنه لن يتخلى عن هذه الورقة من دون ثمن في اطار صفقة ما بعد انتخاب الرئىس لا سيما تلك المتعلقة بالحكومة المقبلة، وربما ايضاً بقانون الانتخابات.

وتضيف أن «الجنرال»، حسب أوساطه، بات واثقاً اكثر بجدّية جعجع في نيته اعلان ترشيحه له، وانه يعتقد ان هذه الخطوة ستكرسه المرشح المسيحي الاول للرئاسة استناداً الى تمثيله الشعبي والنيابي اولا والى الدعم الذي يحظى به من القوى المسيحية الاساسية وفي مقدمها «القوات اللبنانية».

وتقول الاوساط ان هذا الترشيح يعبّد الطريق امام عون الى بعبدا، مستبعدة صمود فرنجية في وجه «الجنرال»، ومتوقعة تراجعه خصوصا انه اعلن ما يشير الى انسحابه اذا ما بقي عون مرشحاً وحظي بدعم يوفر له الحظوظ للوصول الى الرئاسة.

ويشار في هذا المجال الى ان اجواء الرابية اليوم هي افضل بكثير من الفترة التي اعلن فيها عن مبادرة انتخاب فرنجية، لا بل ان الاوساط العونية باتت تعتقد ان هذه المبادرة في حكم المدفونة، وتذهب الى القول أن «الجنرال» اصبح المرشح الاول بكل المقاييس، وان الظروف صارت ملائمة بنسبة متقدمة لانتخابه رئيساً للجمهورية.

اما النائب فرنجية فقد اجتمع مرة ثانية مؤخراً مع الرئيس الحريري دون ان يتسرب اي شيء عن الاجتماع. ويقال انه كان ميالاً الى التريث في عدم الذهاب الى الحسم سريعا خصوصا بعد المستجدات التي حصلت على اجواء العلاقة المتوترة اصلاً بين طهران والرياض.

وتقول مصادر مطلعة ان رئيس «المردة» يفضل مراجعة الحسابات بهدوء، خصوصاً بعد ان تسرع في الاعلان عن المبادرة والتعاطي معها على انها أمر واقع مرشح لترجمة في غضون ايام او اسبوعين او ثلاثة.

وتضيف أن هذا التريث لا يعني ابدا التراجع عن المبادرة او التهاون حيال ما استهدفها ويستهدفها من سهام، لا بل ان فرنجية ماض في خوض هذه المبارزة في وجه الخصوم او من يفترض انهم حلفاء، لكنه في الوقت نفسه يأخذ بعين الاعتبار موقف «حزب الله» الذي لم يعدل موقفه الداعم كلياً للعماد عون.

ووفقاً للاجواء السائدة فان مبادرة جعجع بإعلان ترشيحه لعون يطرح علامات استفهام جدية حول ردود الاطراف والمسار الذي سيسلكه الاستحقاق الرئاسي.

ويبدو ان الامور غير محسومة من الان، وان كان هناك جو من الحذر الشديد يحيط بالمواقف التي يمكن ان تتخذها الاطراف في مثل هذه الحال.

وفيما ترى الاوساط المراقبة ان مثل هذه الخطوة لن تدفع فرنجية الى الانسحاب لصالح عون، تعتقد اوساط «الجنرال» انه سيصبح محاصراً و«محشوراً»، ولن يذهب بالمغامرة الى النهاية.

وفي الحالة الاولى يمكن ذهاب المرشحين الى المجلس النيابي والاحتكام الى صندوقة الاقتراع، وفي مثل هذا الوضع تختلط الحسابات ويصحّ التكهن بنجاح اي منهما وفقاً لما سترسو عليه مواقف بعض الكتل والنواب وابرزها كتلة الرئيس نبيه بري.

اما في الحالة الثانية فان الاحراج الاول سيصيب جعجع الذي سيجد ان عون ضمن الرئاسة بانسحاب فرنجية، وان مناورته انقلبت عليه فأبعدته عن حلفائه ولم تقرّبه من خصومه.