اذا كنا نستطيع أن نفهم لاءات سمير جعجع، نستطيع أن نفهم لاءات جبران باسيل. الاثنان مختلفان حول كل شيء لكنهما متفقان على أن يصل أي منهما الى القصر اذا ما دعت الضرورة المستحيلة لذلك، شرط اقفال الطريق أمام سليمان فرنجية…
لا نتصور أن الحبر الأعظم يمكن أن يتدخل في هذه التفاصيل، وهو الذي يعلم أي نوع من الزلازل يهز الكرة الأرضية الآن. انها مأساة البطريرك الخائف من أن يفضي الفراغ في الموقع الماروني الأول الى حصول انقلاب في الصيغة، وهو الانقلاب الذي يهدد بخسارة رئاسة الجمهورية. تالياً، خسارة الدور المسيحي، بعدما وضعت بين يديه الأرقام الصادمة حول هجرة الأجيال الشابة…
قد يكون الاليزيه بحاجة الى الديناميكية اللبنانية، وبعدما استشرت البيروقراطية داخل الجمهورية الخامسة. هناك، على كل حال، من يراهن على العودة الى خطة هنري كيسنجر، ولكن من الباب الخلفي. توطين اللاجئين، ومعهم سكان الجليل، ما دامت حكومة بنيامين نتنياهو تدعو الى اقامة دولة يهودية، وحيث لا موطئ قدم لأي عربي، بعدما وصفنا الحاخامات بالديدان البشرية.
أين يلعب جبران باسيل وسمير جعجع، وهما الركيزتان الأساسيتان في السيطرة على الطائفة المارونية، بل على سائر الطوائف المسيحية . دعونا نستعيد اللوحات الاعلانية لـ»القوات اللبنانية» قبل الانتخابات النيابية. ألم تجعلنا نشعر بأن الصناديق ان أتت بكتلة برلمانية وازنة سيتغير دوران الكرة الأرضية. بحسب علمنا ما زالت الأرض تدور بالايقاع نفسه يوم هبط عليها آدم وحواء لنظل نستذكر الخطيئة التي كانت وراء ظهور الخليقة…
نعلم أن كل الطوائف تعاني من أزمات وجودية، باستشراء لوثة الكراهية، والنرجسية. لكنها تمكنت من لملمة نفسها وان بالطرق التي لا تليق بأدبيات القرن. حتى السنّة، وان تبعثروا، لم ينخرطوا في تلك الصراعات الضارية، باعتبار أن سعد الحريري عائد. لا ندري على أي حصان، أو بأي ضوء أخضر، يدق باب السراي…
المشكلة في جبران باسيل، أيضاً، أنه يرفض انتخاب الجنرال جوزف عون، وان كنا نرى أن تأييد سمير جعجع له خطوة تكتيكية لا أكثر ولا أقل. قائد «القوات اللبنانية» لا يستبعد أن تعمل الظروف الاقليمية، والدولية، لمصلحته. كيف ؟ لا ندري ما اذا كان قد استشار ليلى عبد اللطيف التي باتت المرجعية في قراءة الاحتمالات اللبنانية، والعربية، والايرانية بطبيعة الحال…
في أوساط سياسية، وحتى دينية، سؤال عن ذلك اليهوذا الذي يرى أن الكرسي الرئاسي لا يليق الا به، باعتباره يمثل خشبة الخلاص للمسيحيين الذين يلاحظون أي رياح هوجاء تعبث بمستقبلهم.
ربما يعتقد رئيس التيار الوطني الحر أن «حزب الله» لا يمكن أن يستغني عنه كونه يؤمن له التغطية المسيحية في المرحلة المقبلة التي لا بد أن تكون معقدة، وعاصفة. معلوماتنا تقول أن هذا رهان ساذج، وبعيد عن الواقع. الحزب لم يعد باستطاعته تحمل وزر الأخطاء التي ارتكبت على مدى السنوات الست المنصرمة.
يدرك الحزب مدى حساسية، وتشابك، الأوضاع الداخلية، والخارجية. هو في حال «استنفار استراتيجي». والعبارة تعني ما تعنيه. لم يعد يستسيغ اللعب في الزوايا، أو في الأقبية. الحسابات في منتهى الدقة، والاختيار لا يخضع لهذه الطريقة في اللعب.
ميشال معوض، الآدمي، والذي يراهن على الموقف الأميركي (أي موقف في ظل الضبابية الراهنة؟) غاص في الوحول، ليكون الضحية في تلك الغرنيكا اللبنانية…
ابتعد يا رجل! انهم يستخدمونك ورقة وتذروها الرياح. يفترض أن تعرف من يتآمر على المسيحيين. لست خشبة الخلاص!!
يقال لنا أن البطريرك، ومن خلال لقاءاته في روما، واتصالاته في باريس بات يمتلك صورة واضحة عمن يكون الرئيس العتيد. من الطبيعي أن يكون دوره مؤثراً في هذه المرحلة. ولكن الورقة الأخيرة بيد من، بعدما ترددت معلومات بأن لقاء جو بايدن وايمانويل ماكرون لم يبحث في الأسماء. أميركا في مكان آخر، وفي خندق آخ …