موفقاً كان الدكتور سمير جعجع في ما أثاره، أمس، في معراب حول محاولة فريق في الحكومة تطبيع العلاقات مع النظام السوري من خلال الزيارات التي تقوم بها مجموعة من الوزراء الى سوريا وعقدهم هناك لقاءات واجتماعات يتداولون في خلالها أموراً رسميّة عامّة.
فلقد أصاب الدكتور جعجع كبد الحقيقة عندما تناول هذا الموضوع محذراً من أنّ تداعياته قد تنعكس على الحكومة ذاتها، فهذه الحكومة تشكلت على أساس واضح كما قال رئيس «القوات اللبنانية»، ألا وهو «وضع المواضيع الخلافية جانباً في مقابل الإهتمام بشجون وشؤون الناس»، وليس من موضوع خلافي أكثر من العلاقة بين لبنان الرسمي والنظام المجرم في سوريا، وبالتالي يجب وضع هذا الموضوع جانباً، أي الإبتعاد عنه، والتنكب عن أي فعل وممارسة من شأنهما أن يفتحا باباً لنزاع كبير حوله.
فكل ما يجري من أطراف وزراء «حزب الله» وسواهم أيضاً من أطراف وزراء فريق 8 آذار هدفه واضح ومباشر وهو، كما أكد الدكتور جعجع، «محاولات لاستخدام لبنان لتعويم نظام بشار الأسد وإعطائه نوعاً من الشرعية السياسية والديبلوماسية».
والشرارة التي أدّت في مجلس الوزراء وفي معراب أيضاً الى إثارة هذا الموضوع تمثلت في مسألة زيارة وزراء الى دمشق، لأنّ مثل هذه الزيارات «يعطي دفعة سياسية لنظام الأسد» في وقت أنّ هذا النظام مرفوض من جامعة الدول العربية والدول التي تبدي اهتماماً بلبنان.
وخالف جعجع التوقعات العديدة حول بداية انتهاء الحرب في سوريا، إذ في تقديره أنها لا تزال في صلب الحرب… وهي أصبحت مجموعة مناطق نفوذ، ومحاولات التطبيع مع النظام لن تجدي نفعاً، والعكس صحيح، فلا حكومة ذات فاعلية في سوريا، ولا سيطرة للنظام إلاّ على مناطق محدودة، بينما معظم الأراضي السورية خارجة على النظام كما يعرف الجميع.
من هنا، نفهم أن يقول جعجع، معبّراً عن أكثرية من الشعب اللبناني: «إننا ضد أي تعاطٍ رسمي مع الحكومة السورية».
وبلغ تهديد الدكتور جعجع ذروته عندما قال: «إنّ أي تعاطٍ رسمي بين الحكومتين اللبنانية والسورية يهدّد الحكومة»، ومعلوم أنّ رئيس «القوات» لا يلقي الكلام على عواهنه إنما يلقي به بعد دراسة مطوّلة ومعمّقة لأي موضوع يتناوله من جوانبه كافة.
وإننا نود أن نلفت، في هذا السياق، الى موقف الرئيس سعد الحريري الذي دعا الى عدم توريط لبنان في صراع المحاور الذي يعصف بالمنطقة.
وختاماً نردد مع جعجع: إذا كان بعض الوزراء يريدون التوجّه الى سوريا، وهم يتوجهون إليها من دون توقف كما يعرف الجميع، فليفعلوا ذلك بصفة شخصية ولكن ليس بصفة رسمية، خصوصاً ليس بأي تكليف من قِبَل مجلس الوزراء، أو ليس بأي تطوّع للإدعاء بأنّ الزيارة رسمية.
عوني الكعكي