Site icon IMLebanon

جعجع «يعوّض» فشله بعد الطائف «باستئثار الحصة المسيحية»

ان يخرج رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، ليتحدث عن محاولة «عزل للكتائب»، تقوم بها «القوات اللبنانية» من خلال رئيسها سمير جعجع، فكلام توقف عنده اكثر من طرف سياسي، والبعض تذكّر العزل الذي حاولت فرضه «الحركة الوطنية»، برئاسة كمال جنبلاط، اثر حادثة باص عين الرمانة الذي فجّر الحرب الاهلية، بعد مقتل فلسطينيين كانوا فيه، كرد فعل كتائبي على مقتل احد عناصرهم جوزف ابو عاصي.

والعزل يصدر عن مولود من رحم حزب الكتائب، خلقه بشير الجميل في اثناء الحرب، عندما قرر «توحيد البندقية المسيحية»، بضم الميليشيات التابعة لاحزاب الكتائب والوطنيين الاحرار والتنظيم و«حراس الارز» وغيرهم، فمن لم ينضم بالكلمة فبالسيف، وتعتبر مجزرة الصفرا قرب طبرجا عند ساحل جونية، التي استهدفت مقاتلين من الاحرار، النموذج الذي ظهرت فيه «القوات اللبنانية»، وتحولت الى القوة المسيحية العسكرية، التي سيطرت على ما كان يسمى «مناطق شرقية»، اذ يذكّر احد القياديين البارزين الذين تسلموا مسؤولية عسكرية في «القوات»، ان القرار السياسي المسيحي، بات في يد بشير الجميل، ولم يعد لا مع والده الشيخ بيار، ولا الرئيس كميل شمعون، ونسج علاقات سياسة عسكرية من خارج «الجبهة اللبنانية» وكل من اتى بعد بشير على رأس «القوات»، اعتمد سياسة الاقصاء والالغاء ولا نستغرب ان يبقى جعجع على هذا النهج، فهو اعتمده داخل «القوات» بازاحة ايلي حبيقه بعد التوقيع على الاتفاق الثلاثي، واقصى الرئيس امين الجميل ونُفي خارج لبنان، بعد اتفاقه مع العماد ميشال عون اثر تعيينه، عندما كان قائداً للجيش، رئيساً للحكومة العسكرية، ليقع الصدام بينهما فيما بعد، لمن تكون السيطرة في «الشرقية» للجيش كسلطة شرعية او «القوات اللبنانية» كميليشيا وسلطة امر واقع.

وما يتخوف منه الجميل من عزل للكتائب في محله، يقول القيادي المذكور، اذ لا يعترف جعجع الا بـ«القوات اللبنانية» كأقوى قوة مسيحية، وهو اعترض بعد اتفاق الطائف على مشاركة احزاب وشخصيات مسيحية في الحكومة التي شُكلت، وسُمي فيها هو وزير دولة، وان حجم القوات اكبر من ذلك، فقبل على مضض دون ان يشارك شخصيا ومثّله روجيه ديب ثم ليرفض المشاركة بعد الانتخابات النيابية التي جرت عام 1992 وقاطعها فريق من المسيحيين الذين دخلوا بما سُمي «الاحباط» ليدخل جعجع السجن في نيسان عام 1994.

ويحاول جعجع تكرار مرحلة ما بعد الطائف الذي اعتبر انه هو من امّن له الغطاء المسيحي، ويحق له الاستئثار بالحصة المسيحية في السلطة، وهو ما يفعله مع تشكيل الحكومة التي يريدها قليلة العدد، ولا تضم من لم ينتخب الرئيس عون، وان يكون هؤلاء في المعارضة، كالكتائب و«تيار المردة» ومسيحيين مستقلين. يقول القيادي الذي يصف توجه جعجع، بأنه يزيد الشرخ بين المسيحيين، وان الساحة المسيحية فيها تعددية، تختلف عن الطائفة الشيعية التي يمثل فيها الثنائي «حزب الله» وحركة «امل» الغالبية وهو ما يحاول ان يطبقه مع «التيار الوطني الحر» بعد اتفاق «اعلان النوايا» وعلى انهما يمثلان 86% ولهما فقط توزع الحقائب الوزارية بالتساوي، وهو ما شكل عقدة امام تأليف الحكومة، ولا يمكن «للتيار الحر» ان يتنكر لحليفه السياسي «تيار المردة» وان اختلفا حول تقويم رئاسة الجمهورية.

فالمكونات السياسية المسيحية لها احجامها، ولكن في بكركي اجتمع اربعة من اقطابها هم: الرئيس امين الجميل، العماد ميشال عون، النائب سليمان فرنجية، الدكتور سمير جعجع، وهؤلاء اتفقوا فيما بينهم، ان يكون رئىس الجمهورية منهم لانه يمثل، وانتخب العماد عون وبتأييد «حزب الله» وترشيحه من قبل الرئيس سعد الحريري رئىسا للجمهورية، وكان يمكن ان يكون النائب فرنجية، الذي ايده الحريري، واعترف السيد حسن نصرالله، بأن فرنجية كاد ان يكون رئيسا للجمهورية، فلماذا العودة الى لغة العزل في عهد عون صاحب شعار «الميثاقية»؟