IMLebanon

فعلها جعجع.. والتأليف في عهدة الحريري – عون

 

 

انتظر اللبنانيون خمسة أشهر ونيف تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات النيابية الاخيرة، في ايار الماضي.. وهم ماضون في ترقب «ساعة الصفر» هذه، لتبصر هذه الحكومة النور، وتنفرج اساريرهم.. وقد كانوا حتى يوم أمس، يضعون اياديهم على قلوبهم خشية ان تشهد البلد مزيداً من المماطلة والدوران في حلقات الشروط المفرغة، وإضاعة الوقت.. الى ان أطل رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بعد اجتماع كتلة «الجمهورية القوية» وليعلن على الملأ قراره النهائي وهو المشاركة في الحكومة.. «إذ يكفي حضورنا في الداخل الحكومي لاستكمال مشروعنا الذي بدأناه في الانتخابات.. وليس هناك حقائب وزارية صغيرة وحقائب كبيرة..» خصوصاً وان جعجع لم يغفل عن اتهام خصومه بأنهم يريدون تحجيمه او ابعاده عن الحكومة فكان قرار ان يكون داخل الحكومة..

 

كان في قناعة عديدين، ان «القوات اللبنانية» تخطىء استراتيجياً ان هي مضت في سياسة العرقلة ورفع سقف مطالبها.. مراهنة على ان الجميع لا يستسيغون بقاءها خارج الحكومة، وتعمل جاهدة على إضاعة الوقت، وهي تنتظر من المعنيين بالتأليف نسخة جديدة، وطبعة نهائية لحكومة تعطيها ما تريد، في حدود ما تراه الحد الادنى»..

 

فعلها سمير جعجع، واظهر براغماتية مشهودة.. وبين ليلة وضحاها، وبقدرة قادر «تنقلب المعايير» وتتعدد.. الامر الذي وضع انجاز تشكيل الحكومة على نار حامية، بعد حلحلة العقد، وازالة العراقيل، وهو تشكيل كان يفترض ان ينجز خلال أيام قليلة من تكليف الرئيس سعد الحريري، الذي نال رقماً غير مسبوق في الاستشارات النيابية الملزمة قارب الاجماع على تكليفه..

 

من ضمن الصراع الخفي والمعلن بين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، مضت «القوات» في براغماتية التوظيف الانتخابي، ولم تكن برزت بعد عقد تمثيل السنة من خارج «المستقبل» التي استحضرت، ولم تكن في حساب عديدين، وقد حققت الوساطات نجاحاً في حلحلة «العقدة الدرزية» وتجاوب وليد جنبلاط مع المساعي الحميدة على هذا الخط..

 

 

ليس من شك في ان تطلعات «القوات اللبنانية» أبعد كثيراً من تطلعات وزير بالزائد او وزير بالناقص، وما اذا كان يحمل حقيبة سيادية وازنة او عادية.. وهي دخلت على خطوط المحاور الخارجية الاقليمية والدولية التي تنظر الى «القوات» على أنها ستكون لاعباً بالغ الأهمية في بلد مثل لبنان، وهو البلد الذي عانى الأمرين في حروب داخلية متتالية، اختلط فيها الدولي بالاقليمي بالعربي بالداخلي باللبناني..

 

المفارقة ان لبنان، يقدم نفسه على أنه دولة «ديموقراطية» قائمة على «التعددية» الطائفية والمذهبية.. لكن الافرقاء اللبنانيين، في غالبيتهم الساحقة، لا يقيمون اعتباراً لشروط وأسس الديموقراطي الحقيقية، والتي تقوم في المبدأ على وجود «موالاة» و»معارضة» تستندان الى محصلة ما تؤول اليه الانتخابات النيابية.. وهذا لم يحصل، ولن يحصل، والبعض ابتدع فكرة «الديموقراطية التوافقية» التي تستحضر القوى والفئات الرئيسية على رغم خلافاتها وتستبعد كل الآخرين، وتحديداً القوى التي تستند الى مبادئ وطنية عابرة لحدود الطوائف والمذاهب والمناطق.. وليس مطلوبا من اللبنانيين، سوى ان يقرأوا ويسمعوا، على ان تبقى العقول مسطحة.

 

يدور لبنان في حلقة مفرغة.. وما يحصل داخله لا علاقة له بالديموقراطية، لا من قريب ولا من بعيد، والغالبية الساحقة من القوى النيابية الوازنة، هي وليدة قانون انتخابي مسخ، فصل على مقاسات وتطلعات «حراس الهيكل»..

 

لقد أظهرت المواقف التي أعلنها الرئيس المكلف سعد الحريري بعد عودته من الرياض، ولقائه الرئيس نبيه بري و»قيادات سياسية»، انه عاد معززا بدعم وتشجيع لافتين، وقد أفصح عن ذلك بعد خروجه من عين التينة، معلنا وجود «عقدة صغيرة» ماتزال تعيق ولادة الحكومة، مؤكداً أن هذه الحكومة ستولد خلال أيام قليلة.. لم يحددها، ماذا كانت قبل نهاية هذا الشهر ام بعده لاسيما وان الموعد يتقاطع مع مرور سنتين وبدء السنة الثالثة من عهد الرئيس العماد ميشال عون، الذي ينتظر اتصالاً لتحديد موعد لقائه والرئيس المكلف لجوجلة ما آلت اليه الصيغة المفترض ان تكون أنجزت للحكومة الجديدة»..

 

ليس من خيارات أمام الرئيس الحريري سوى ان يمضي في مسيرته بالتكاتف والتضامن مع العماد عون ويعمل جاهداً على انجاز الصيغة النهائية «شاء من شاء وأبى من أبى».. والحديث عن اعتذار، بات من الماضي وخارج السباق.. وما يشهده لبنان اليوم من متغيرات دولية واقليمية تحتم العمل سريعاً من أجل انجاز التأليف، الذي هو مهم بقدر ما هو مهم التآلف بين مكونات الحكومة العتيدة، فالمسألة ليست مسألة فريق او حزب او جماعة بعينها بقدر ما هي مسألة لبنان الوطن واللبنانيين وما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات.