IMLebanon

جعجع فعلها مجدّداً و”حزب الله” يرحّب و”التيار”: كلامه لن يُفسد في ودّ المصالحة قضية

 

فعلها رئيس “القوات” سمير جعجع مُجدّداً، وكان كعادته، حيث يجب أن يكون. فمن رشّح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية يوماً، لم يجد صعوبة في أن تطأ قدماه أرض قصر بعبدا مرة أخرى، بالرغم من تباعد الخيارات السياسية والخلافات حول أكثر من ملف وليس آخرها ملف الخطة الاصلاحية. لكن لأن الضرورات تبيح المحظورات، لبّى جعجع دعوة عون للمشاركة في اللقاء الوطني لرؤساء الكتل النيابية لعرض خطة الحكومة الإصلاحية، فأعاد بخطوته الاعتبار الى “قصر الشعب”، ووجّه من على منبره جملة رسائل، لعلّ أبرزها يبقى، انه بالرغم من الخطوط المقطوعة بين بعبدا ومعراب، فإن الخط الساخن الذي أوجدته المصالحة المسيحية، تدبّ فيه الحرارة مجدداً في اللحظات المصيرية، وعلى الحلفاء قبل الخصوم، عدم المراهنة على انقطاعه التام، بل هذا الخطّ سيبقى “شغالاً” في الأوضاع الحرجة والتي تستدعي التواصل بين الطرفين، لضرورات وطنية ميثاقية. ويبقى السؤال: هل تفتح تلبية جعجع للقاء الحواري، الباب امام لقاء ثنائي بين “الحكيم” و”الجنرال”؟

 

طبعاً، لغاية اللحظة لا يبدو أن ذلك ممكن، حيث ان رئيس “القوات” أعلن وبوضوح ومن على منبر بعبدا، معارضته لسياسات العهد، لكن اللقاء الثنائي ليس مستحيلاً ويرتبط بمجموعة ظروف ومعطيات، قادرة وحدها على دفع لقاء من هذا النوع، في حال استجدّت ظروف، يشكّل حدوثه مصلحة للطرفين.

 

 

 

“الوطني الحر” و”حزب الله”

 

 

أدرج “التيار الوطني الحر” مشاركة رئيس “القوات” في سياقها الطبيعي، لكن ما خيّب آماله، وفق مصادره، كان كلام جعجع من على منبر قصر بعبدا، “فالكلام الإيجابي هو بأهمية الحضور، وكنا نتوقّع ان يكون كلامه ايجابياً، لا ان يهاجم بعبدا من قصر بعبدا، علماً أن من حقّه أن ينتقد ويعارض ما يريد. وفي كل الاحوال، مهما جرى وبالرغم من كلامه في بعبدا، فإن ذلك لن يُفسد في ودّ المصالحة قضية”.

 

أما “حزب الله” فاعتبر ان “مجيء رئيس “القوات” الى قصر بعبدا ومشاركته في المناقشات كانت خطوة ايجابية”، وقالت مصادره لـ”نداء الوطن”: “كنا نتمنى لو شاركت سائر الاطراف في لقاء الكتل النيابية وقدّمت ملاحظاتها على الخطة الاصلاحية للحكومة، وفي اعتقادنا، ان الجميع في مركب واحد والمطلوب بالتالي تكاتف كل القوى السياسية لإخراج لبنان من أزمته الحالية”.

 

ترحيب “حزب الله” انسحب على كتلة “التنمية والتحرير” التي رحّبت بدورها بمشاركة جعجع، وشدّدت على “أن اكثر ما يحتاجه لبنان في هذا الوقت العصيب، هو الإجماع الوطني كي يتمكّن من تجاوز هذه المرحلة الصعبة”.

 

وعلى الضفة الاخرى، بدا أن تيار “المستقبل” لم يستسغ هذه المشاركة كثيراً، وقد ظهر ذلك جلياً في قول الرئيس سعد الحريري إن “كل شخص حرّ بموقفه السياسي”. وانه لم يذهب إلى بعبدا، “ليس لأن فلاناً ذهب أو فلاناً آخر لم يذهب، لكن لديه قناعة بأن الأمور لا تحلّ بهذه الطريقة”.

 

“القوات”: المشاركة ضرورية

 

كيف علّلت “القوات اللبنانية” مشاركة رئيسها؟ فبالنسبة اليها، “المشاركة بديهية بينما عدم المشاركة ليس في محلها، باعتبار ان رئاسة الجمهورية هي في موقع دستوري و”القوات” وضعت نفسها تحت سقف المؤسسات الدستورية، وبما انها تتعامل مع الحكومة “بالقطعة”، وهي اليوم خارجها، وفي صفّ المعارضة، تعارض حيث يجب وتؤيّد حيث يجب، وموجودة بفعالية في مجلس النواب، وبالتالي عندما تأتيها دعوة من رئاسة الجمهورية الى حوار وطني لماذا يجب عليها ان تقاطع؟”. أضافت المصادر: “في حال أردنا ان نقاطع يجب ان تكون هناك أسباب موجبة تبعاً للموضوع المطروح، وقد دأبت “القوات” في مراحل سابقة على المشاركة في اللقاءات التي يدعو اليها الرئيس، وبالتالي المشاركة تدخل في سياق عملها السياسي ضمن النطاق الدستوري المؤسساتي، ورغبت “القوات” بأن تقول رأيها داخل قاعة الاجتماعات في بعبدا، وبوضوح وصراحة من على منبر القصر الجمهوري، ايماناً منها بأن خلاص لبنان وإنقاذه لا يمكن ان يتم الا بالحوار وتسمية الامور بأسمائها”.

 

وتابعت: “رغب الدكتور جعجع في إسماع القوى المعنية موقف “القوات”، ايماناً منه بأن قول الرأي في هذه الظروف الصعبة يُحمّل الاطراف مسؤولية عدم متابعة الامور بالشكل المطلوب، لانه ايضاً اطلق تحذيره الشهير في 2 ايلول الماضي وحذّر من ان لبنان ذاهب الى مرحلة خطيرة، في حال لم تستقل الحكومة وتتألف حكومة اختصاصيين مستقلين، وهذا ما حصل في ظل الازمة المالية الحالية، وحمّل الاكثرية الحاكمة مسؤولية عدم الذهاب الى خطوات عملانية تنفيذية بدلاً من الاكتفاء بخطة نظرية، مكرّرة على غرار البيانات الوزارية في العقود الاخيرة، وحمّلها مسؤولية اعتماد خطوات عملية في هذا الاتجاه”.

 

وأشارت إلى أن “القوات تنطلق من نظرية اساسية وهي ان الازمة المالية اكبر من قدرة الجميع وبالتالي لا يجوز في هذه المرحلة الخطيرة جداً ألّا تكون القوى السياسية مجتمعة حول مساحة مشتركة بالحد الأدنى لإنقاذ لبنان”.