ليس من باب الصدفة او العبث ان يختار رئيس حزب القوات سمير جعجع هذا التوقيت لزيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في كليمنصو وان يصطحب معه نائب الجبل القواتي «السرمدي»، جورج عدوان وفي حضور النائب نعمة طعمة ونواب الاشتراكي غازي العريضي واكرم شهيب ووائل ابو فاعور بالاضافة الى النائبة ستريدا جعجع ونورا جنبلاط. فوفق شخصية درزية بارزة في تحالف 8 آذار يأتي هذا اللقاء ووفق اجندة جعجع من باب إعادة تكوين اواستعادة لتحالف 14 آذار الذي يُحتضر هو ومشروعه على ابواب جرود عرسال وفي ظل تسجيل لمحور المقاومة والممانعة او «المحور السوري- الايراني»- كما يحلو لجعجع وجنبلاط تسميته- للانتصار تلو الانتصار واليوم يسجل الانتصار الاغلى للبنان والمتمثل بتحرير الجرود من ارهابيي النصرة والقاعدة بعد تحرير الجنوب ونصر تموز 2006.
وتؤكد الشخصية الدرزية العالمة بخبايا الحراك الجاري في الجبل والشوف وعاليه. وقوامه من جهة القوات اللبنانية ومن جهة ثانية النائبان دوري شمعون وسامي الجميل، ان لب الصراع في الجبل اليوم هو على تكريس «الزعامة المسيحية». فهل تبقى شمعونية، قواتية، جنبلاطية، ام «يضع» الثلاثة الولاء للتيار الوطني الحر الذي يريد ان يكرس مصالحة الجبل وعودة المهجرين بمقاعد نيابية يحصل عليها للمرة الاولى في الجبل والشوف منذ العام 2005. في المقابل يريد جعجع وفق الشخصية ان يكرس حضوره المسيحي في الجبل وفي كل مكان «تصل اليه قدماه» ليؤكد انه المسيحي الاقوى والرئيس المقبل بعد الرئيس ميشال عون!
وتشير الشخصية المذكورة الى ان هناك جملة من المعطيات يتم تداولها في الجبل والشوف وعاليه حيث يشعر «الشمعونيون» والكتائبيون ان مكانهم لم «يعد» متوفراً في الجبل اقله انتخابيا ونيابيا في دورة ربيع 2018 . فمن جهة يريد جنبلاط الحفاظ على كتلة درزية اقلها 8 نواب ومعهم تكريس تحالفه الدرزي الصرف مع المير طلال ارسلان وقطع الطريق على الوزير السابق وئام وهاب وبعض الشخصيات المستقلة المدعومة من بعض المشايخ. ومن جهة ثانية عين جعجع على مقعدي النائبين دوري شمعون وفادي الهبر في الشوف وعاليه بالاضافة الى مقعد جورج عدوان ليصبح للقوات كتلة جديدة من 3 نواب مسيحيين في عقر دار التيار والكتائب والشمعونيين.
اما في السياسة والكلام للشخصية الدرزية البارزة في 8 آذار فإن جعجع «يحلم» بأكثر من مقعد انتخابي او كتلة من 15 نائبا بل هو يسعى الى تكريس نفسه كشخصية مارونية قوية وتقود تحالف 14 آذار بحلة جديدة او «نيو لوك». وقوامها التركيز على سقوط نظام الرئيس بشار الاسد والمطالبة بنظام «ديمقراطي» واعتبار ان اي حوار معه لبناني او غير لبناني اعتراف به وتكريس بقائه وهو «بحكم الساقط» سياسيا بالنسبة لجعجع وكما يردد هو وجنبلاط والرئيس سعد الحريري. فالثلاثة يجتمعون على رفض الاعتراف بالرئيس الاسد، وبالتفاهم اللبناني معه وخصوصا في ملف النازحين كما يعتبرون ان تدخل حزب الله في سوريا وحربه على ارهابيي جرود عرسال تنفيذا لمشروع السيطرة الايراني على لبنان وسوريا والمنطقة. وتضيف الشخصية المذكورة ان هناك جانباً آخر لاعادة احياء تحالف 14 آذار المتهالك عدا « معزوفة» حزب الله وسلاحه وسوريا وايران، هو البعد الاقتصادي والخدماتي على ابواب الانتخابات النيابية، اذ ان الملاحظ ان القوات والاشتراكي يلتقيان في رفض خطة الكهرباء والبواخر والمناقصات، كما في رفض عدم ايجاد تمويل واضح لسلسلة الرتب والرواتب. وإطلاق النار على خطة الكهرباء والرتب والرواتب يطال مباشر العهد الذي يمثله الرئيس عون ومعه بدرجة اقل الرئيس الحريري الذي «يساير» التيار وعون على حساب جعجع وجنبلاط وهذا ما لا يروق للرجلين. وتشير الشخصية الى ان توقيت تحرك جعجع في اتجاه جنبلاط وآخرين مرتبط ايضا بـ«تطويق» مفاعيل انتصار حزب الله في معركة الجرود فإحياء مشروع 14 آذار على ابواب انتصاري تموز 2006 و2017 بالنسبة لجعجع اولوية وحاجة لشد العصب وإبقاء «الخصم» حزب الله تحت الضغط والنيران «المعرابية» التي لن تتوقف الا عندما يجلس حزب الله مع الحكيم على طاولة واحدة!