IMLebanon

جعجع عن الرئاسة: لهذا السبب ازددت تشاؤماً

تفجير القاع يُلح على أولوية الخروج من «القاع»

جعجع عن الرئاسة: لهذا السبب ازددت تشاؤماً

فرض الانتحاريون الذين فجروا أنفسهم في بلدة القاع البقاعية إيقاعهم على الداخل اللبناني الذي كثيرا ما يخدعه الهدوء الموقت، ليغوص في «قاع» مماحكات سياسية، تُشغله عن خطر الارهاب وتحدياته، قبل ان يستفيق على دوي انفجار جديد.

ولعل اخطر انواع الانقسام الداخلي، في مثل هذه الاوضاع، هو ذاك الذي يتعلق بالنظرة الى اسباب العنف التكفيري وكيفية مواجهته، لانه يتعارض مع «ألف باء» الحرب على الارهاب: «الوحدة الوطنية».

وبينما يبدو «حزب الله» على قناعة راسخة، بان مواجهة التهديد التكفيري تبدأ من القتال عند خطوط الدفاع المتقدمة في العمق السوري لمنع تمدده الى لبنان، يرفض رئيس»حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع هذه النظرية، معتبرا ان التنظيمات الارهابية وغير الارهابية التي يقاتلها الحزب في عقر دارها، سترد عليه في عقر داره أيضا!

ويبدي جعجع في كلامه لـ«السفير» تشاؤمه حيال مسار الاستحقاق الرئاسي في المدى المنظور، مشيرا الى ان ما نُمي اليه حول «النتائج اللبنانية» لزيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى باريس مؤخرا، «لا يشجع ولا يبشر بالخير»، وكشف ان الملف الرئاسي استحوذ على حيز واسع من المباحثات الايرانية ـ الفرنسية، «ولكن موقف المسؤول الايراني الذي اعتبر انه ليست لطهران علاقة بهذا الملف إنما ينطوي على مؤشر سلبي جدا، وانحدار الى نقطة الصفر مجددا».

ويشير جعجع الى ان ايران تحاول استدراج الآخرين الى مقايضة ما، انطلاقا من تعمدها الربط بين ملفات المنطقة، على قاعدة «أعطونا في مكان حتى نعطيكم في مكان آخر»، مرجحا ان المعادلة الايرانية التي تتحكم بالاستحقاق الرئاسي هي الآتية: «سلّموا معنا ببقاء النظام السوري، نفك الحظر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية».

ووفق معطيات جعجع، فان الجهات الاقليمية والدولية المعنية لا تبدو مستعدة للدخول في مقايضة من هذا النوع مع طهران، لانها مرحلة مواجهة في المنطقة، معربا عن اعتقاده بان المرشح الحقيقي لايران ليس ميشال عون ولا سليمان فرنجية!

ويشدد جعجع على ضرورة تحمل القوى الداخلية مسؤولياتها، داعيا «حزب الله» الى فك الارتباط بين الاستحقاق الرئاسي والوضع الاقليمي، وملاحظا ان اولوية الحزب هي للاقليم، بينما لبنان هو مجرد تفصيل في حساباته.

وحين يقال لرئيس «القوات» إن بإمكان الرئيس سعد الحريري ان يختبر حقيقة نيات «حزب الله»، إذا دعم ترشيح ميشال عون الى الرئاسة، يرد بالاشارة الى ان تأييد الحريري لعون سيكون بمثابة تضحية كبرى لرئيس «المستقبل»، من خارج السياق السياسي الطبيعي لهذا التيار، في حين انه من الطبيعي أكثر الطلب الى الحزب الحضور الى مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية ما دام ان المرشحين الاثنين هما حليفان له.

وبينما تستمر طاولة الحوار كما اللجان النيابية في نقاش عبثي حول قانون الانتخاب، يوضح جعجع انه لا يزال مرتبطا من حيث المبدأ مع «المستقبل» و «الاشتراكي» اللذين كنا قد توصلنا وإياهما الى مشروع مشترك قوامه 68 مقعدا على اساس أكثري و60 مقعدا على اساس نسبي، «لكن لا مانع لدينا كـ«قوات» في مناقشة مشروع الرئيس نبيه بري (64 أكثري ـ 64 نسبي)، ونحن سنشجع «المستقبل» و«الاشتراكي» على التفاوض مع بري حول اقتراحه، خصوصا ان الفروقات بين اقتراحه وبين اقتراحنا ضئيلة».

ويشدد جعجع على انه من الافضل التوصل الى اقرار سلس وهادئ لقانون الانتخاب بدلا من ان نضطر الى إقراره بشكل قسري وبولادة قيصرية، تحت ضغط الوقت، في الربع ساعة الاخير.

أما استقالة «الكتائب» من الحكومة، فيعتقد جعجع انها تأخرت قرابة سنتين، قائلا: المكتوب يُقرأ من عنوانه، وكان على «الكتائب» الاستقالة من اللحظة الاولى وان ترفض الدخول الى الحكومة أساسا، كما فعلنا نحن، ليس تعففا بالسلطة التي تشكل وسيلة مشروعة لتحقيق الاهداف، وإنما لادراكنا ان هذه التركيبة الوزارية لن تنجح.

ومع ذلك، يرى جعجع ان المصلحة الوطنية العليا تقضي حاليا بالإبقاء على الحكومة وعدم اسقاطها، ليس حبا فيها وإنما كرها بالمجهول، مشيرا الى انها باتت تمثل الاستمرارية الدستورية الوحيدة في ظل الواقع المعروف للمؤسسات الاخرى.

ويعتبر جعجع ان الانتخابات البلدية الاخيرة اثبتت، بمعزل عمن فاز ومن خسر، ان اسس الدولة في لبنان لا تزال قائمة، برغم أحداث المنطقة والتعطيل الرئاسي والتخبط الحكومي والشلل النيابي، لافتا الانتباه الى انه ليس امرا بسيطا او عاديا ان يتمكن اللبنانيون من انجاز هذا الاستحقاق البلدي برقي ونزاهة، ومن دون اشكالات أمنية بارزة، وسط الظروف الصعبة السائدة، وبالتالي مطلوب من المسؤولين ان يحموا هذه النواة للدولة وان ينطلقوا منها لإحياء المؤسسات الدستورية واعادة الانتظام اليها.