يعتبر القواتيون أن رئيسهم ربح جولة على حلفائه المُختلِف معهم، وعلى خصومه التقليديين، ولكنهم يعترفون بأن «الحكيم» لم يربح المعركة بعد.
بدا واضحاً أن ما جرى في معراب أراده د. جعجع ليكون رسالة إلى أصحاب الشأن من الأطراف السياسية، ملخصها: «الأمر لي»، وهي العبارة – الشعار لكل انتفاضات الرجل ضد قيادات «القوات»، في أواسط الثمانينات.
وكأن رئيس القوات أراد أيضاً العودة إلى شعار آخر في زمن الحرب، كان ستاراً للصراعات على السلطة والنفوذ، بين الفصائل العسكرية للجبهة اللبنانية: أمن المجتمع المسيحي فوق كل اعتبار.
بالنسبة للشعار الأوّل، يمكن القول أن الحكيم نجح في إظهار نفسه المرجع الأوّل للمسيحيين، وصاحب المبادرات الفاعلة للتقارب بين الأطراف المسيحية، في حين ظهر العماد عون، الذي يدّعي أنه الزعيم الأقوى والأكثر تمثيلاً للمسيحيين، وكأنه ذهب إلى معراب ليستجدي تأييد جعجع في الاستحقاق الرئاسي.
أما بالنسبة للشعار الثاني، فمن غير الواضح حتى الآن، أن التقارب العوني – القواتي، سيكون جزءاً من نسيج حركة وطنية تضم كل الطوائف الرئيسية، لإخراج البلد من الأزمات التي يتخبّط فيها، أم هي خطوة إلى الوراء، لإحياء التحالفات الطائفية، وشد عصب الشارع المسيحي، بحجة الدفاع عن القرار المسيحي!
مهما يكن اتجاه التطورات المقبلة، فإن طيّ صفحة الخلافات الدموية بين القوات والعونيين تبقى مبادرة مهمة في إطار العمل لالتئام الجروح المسيحية، ولكنها تبقى خطوة غير كافية لإيصال «الجنرال» إلى قصر بعبدا، وإمساك جعجع للشارع المسيحي، خاصة في حال مضى حزب الكتائب قدماً في نسج تحالفات مع الأطراف المسيحية الأخرى: من فرنجية إلى المستقلين، والإفلات من السندان العوني والمطرقة القواتية!