IMLebanon

جعجع يكسب في الشارع المسيحي بتقاربه من الرابية

«الجنرال والحكيم خطان متوازيان لا يمكن ان يلتقيا او لن يلتقيا ابداً » .. لطالما كانت هذه هي المعادلة السائدة والتي حكمت علاقة الرابية بمعراب على مدى السنوات الثلاثين التي مضت وتخللتها مشاكسات وخلافات ومعارك وحروب إلغاء قبل ان تسقط بالزيارة المفاجئة لجعجع الى دارة عون تتويجاً لمسلسل اللقاءات والجلسات التي قادها النائب ابراهيم كنعان ومسؤول التواصل والاعلام في القوات ملحم رياشي على مدى 270 يوماً ، فالجنرال والحكيم التقيا بعد سنوات من الخلاف على النظرة السياسية والسلطة وزعامة الشارع المسيحي وعلى كل شيء مسقطين كل التوقعات والمراهنات بان لا يحصل اي لقاء او تطور في العلاقة بين زعيمين تنافسا وتقاتلا بقسوة وساهما في تشتيت الرأي العام المسيحي وضياع الكثير من الفرص على المسيحيين . إلا ان لقاءهما على إيجابيته التي تكمن اولاً في الصورة التي جعلت الحكيم يتكىء في دلالة واضحة على كتف الجنرال وحيث من شأنه ان يعيد توحيد الصورة المسيحية والصف المسيحي لم تحظ بالرضى الكامل واعجاب كل المسيحيين الذين تبادلوا الاعتراضات والانتقادات على صفحات التواصل الاجتماعي .

يرى المنتقدون ان التجارب السابقة بين الزعيمين لا تشجع وان لقاء الأمس كان الأجدر به ان يسمي رئيساً للجمهورية بدل تحديد النوايا بانتخاب رئيس ومواصفات الرئيس ، في حين يرى المرحبون بلقاء الرابية ان المشهد كسر الاحتقان والتشرذم وصورة الانقسامات في الشارع المسيحي وان ترجمة وتطبيق النوايا سوف يحصل في مرحلة لاحقة لمصلحة الشارع المسيحي أولاً ولمصلحة الزعيمين ايضاً ، وتؤكد اوساط سياسية ان عون ما كان ليقبل بهذه الصورة لولا انه لم يحصل على شبه اتفاق او وعد في الموضوع الرئاسي ، وبالتالي فان لقاء الرابية الذي يعيد ترتيب البيت المسيحي سوف يمهد طريق بعبدا امام الجنرال ، في حين ان الصورة التي ظهر فيها جعجع وهو يضع يده على كتف عون تعكس وتعبر عن المسافة التي قطعها تفاهم الرجلين ، بالنسبة الى جعجع فان التقارب مع الرابية يكسبه الكثير في الشارع المسيحي ، وربما ما لم يربحه في الشارع المسيحي من تحالفه مع تيار المستقبل بعدما تشوهت صورة معراب المسيحية في القانون الأرثوذكسي وفي طريقة مقاربة ملف الإرهاب والتكفيريين في عرسال إرضاء للحليف السني ، وبالتالي فان الاقتراب من الرابية يكسب جعجع النقاط الرابحة لدى الجمهور المسيحي الذي يخاصمه من الحرب او على الأقل يحيده ، وربما يصبح جعجع الوريث المسيحي في حال سلف عون الكرسي الرئاسي اليوم للشارع المؤيد لعون .

ولكن وإذا كان الجنرال تفاجأ وكل فريقه الأمني واللوجستي المقيم في الرابية بالهبوط المفاجىء لجعجع بالذريعة الامنية فالسؤال هو عن المفاجآت التي ستليها وما يمكن ان يتبع اعلان النوايا من خطوات يمكن ان تكون اكبر من مفاجأة الزيارة، خصوصاً ان توقيت الخطوة في المرحلة السياسية التي تشهد تجاذبات كثيرة بين طرفي 8 و14 آذار من جهة ، وفي ضوء لاءات سعد الحريري الثلاث على الرئاسة وقيادة الجيش ومعركة عرسال يطرح اكثر من علامة استفهام في شأن التقارب في هذا التوقيت وفي ضوء الخلاف الذي بات بدون سقف بين الرابية وعين التينة من جهة اخرى ، كما ان اللقاء اتى خلال زيارة رئيس الحكومة الى السعودية مما يؤشر وفق اوساط معينة الى قيام ما يشبه التحالف المسيحي او الجبهة التي يمكن ان ينضم اليها المردة في وقت لاحق وتحت عباءة بكركي والتي ستضغط في الملف الرئاسي .

بالمحصلة صحيح ان اللقاء لم يساهم للوهلة الأولى في امتصاص كل النقمة المسيحية لدى الطرفين بل انه وقع كالصدمة على المسيحيين الذين لا يثقون بالتقارب بين الرجلين إلا ان اللقاء يبقى انه فتح ثغرة في الجدار المغلق منذ سنوات عله يسقط مسلسل الرهانات المصيرية على الساحة المسيحية بين شخصيتين في اعتقاد كل منهما انه يوفر الفرصة الضائعة للمسيحيين في هذا المحيط الإقليمي الهائج .

في المحصلة ايضاً فان «اعلان النوايا» سوف يكون ايضاً خاضعاً لاختبار التنفيذ ولترجمة الكلام الذي ورد فيه بانتاج قانون انتخاب وتعبيد الطريق الى قصر بعبدا واعادة الحقوق المسلوبة للمسيحيين ، واهم من ذلك كيف سيكون موقف ودور القوات في الملفات الساخنة اليوم على غرار التعيينات الامنية التي يسعى تيار المستقبل الى فرض ايقاعه الخاص بشأنها . بالمؤكد كما تقول الاوساط فان اعلان النوايا لا يلزم الفريقين بترك تحالفاتهما السابقة وخوض المعركة في جبهة واحدة في كل الملفات فكلا الطرفين يسلكان طريقاً مختلفاً عن الآخر منذ فترة طويلة ولكل قناعاته وتحالفاته التي لن يتخلى عنها الا ان الواضح ان التفاهمات الحالية تتلخص بالموضوع الرئاسي وقانون الانتخاب وتبقى الملفات الأخرى رهن التحولات السياسية والحراك السياسي والوضع المسيحي واحداث المنطقة . يمكن القول ايضاً ان عون وجعجع قطعا شوطاً وتبقى العبرة في التنفيذ .