«مبادرة سعد الحريري لن تمُرّ». بهذه العبارة، حاول سمير جعجع تهدئة كوادره المنفعلين جرّاء «انقلاب» رئيس تيار المستقبل على حلف دام أكثر من عشر سنوات
في اللقاء الذي عقده رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع مع كوادره، في معراب الثلاثاء الماضي، بعيداً عن الإعلام (راجع الأخبار عدد ٩ كانون الأول ٢٠١٥)، وضع النقاط على الحروف، لدحض كل التأويلات التي رافقت إعلان المبادرة. تحدّث أمام المجتمعين عن كل ما حصل، منذ أن خرجت الفكرة على لسان الحريري، وصولاً إلى اليوم. «الأخبار» حصلت على تفاصيل الاجتماع الذي شهد «غضبة» واضحة لدى الشباب القواتيين الذين عبّروا عن استياء بالغ من موقف الحريري، إلا أن جعجع رفض «وضع يده على الزناد وإطلاق رصاصة الموت على العلاقة التي تجمعه بالحريري»، مؤكداً أن «مستقبل العلاقة سيحدّدها مسار المبادرة».
خلال الاجتماع، كشف جعجع أنه خلال لقائه بالحريري في الرياض، قبل ثلاثة أشهر، «حصل تباين كبير في وجهات النظر في ما يتعلّق بالملف الرئاسي». وبحسب ما قال جعجع لكوادره، فقد عبّر الحريري أمامه «عن انزعاجه من استمرار الوضع على ما هو عليه»، مؤكداً أن «على فريق الرابع عشر من آذار تسمية مرشّح توافقي، كي نرفع عن أنفسنا مسؤولية التعطيل، ونرمي الطابة في ملعب فريق الثامن من آذار».
فما كان من جعجع إلا أن رفض هذا الطرح لسببين: الأول أن «ذهاب فريق 14 آذار نحو تبنّي مرشّح توافقي، سيدفع حزب الله إلى التمسّك بالعماد ميشال عون أكثر من أي وقت مضى». أما السبب الثاني فهو «استغلال رئيس تكتّل التغيير والإصلاح هذا الطرح لمخاطبة الشارع المسيحي، والقول إن 14 آذار تبنت ترشيح جعجع لتقطيع الوقت ليس إلا».
وفي سرده لتفاصيل اللقاء، قال جعجع إنه اقترح على الحريري «انتظار اللحظة المؤاتية التي يكون فيها الفريق الآخر، وتحديداً حزب الله جاهزاً للتسوية». فما كان من الحريري إلا أن رمى قنبلة في وجه جعجع قائلاً: «شو رأيك نرشّح سليمان فرنجية»؟ ولم يخف جعجع وقع الصدمة من طرح الحريري، فأجابه «هذه مبادرة لا يُمكن أن أسير بها. أنا أحاور العماد عون منذ سبعة أشهر ولم أفكر يوماً في ترشيحه، فكيف تطلب منّي مباركة ترشيح شخصية أبعد ما تكون عن ثوابتنا وخياراتنا السياسية»، مؤكداً أنه «لم يلق جواباً من الحريري، لكن الأخير تبلّغ رفضنا منذ ثلاثة أشهر».
مبادرة الحريري لمصلحته الشخصية ولا صحة للغطاء السعودي
وحين سُئل جعجع خلال الاجتماع عن الموقف السعودي من ترشيح فرنجية، أجاب رئيس القوات «كلّ ما يُحكى عن أن الطرح يحظى بغطاء إقليمي ودولي لا أساس له من الصحة». ولفت إلى أن «الفكرة ولدت عند الحريري، وأن السعوديين كانوا يعتقدون بأن سعد وضع حلفاءه في جو هذه المبادرة، وهم فوجئوا بعد مراجعتنا لهم بأنه لم يضعنا بالصورة ولم يناقشنا بها». وأضاف جعجع إن «ما طرحه الحريري هو مبادرة شخصية منه، يريد أن يدفعنا إليها لأسباب تتعلق بمصالحه. فهو يسعى للعودة إلى لبنان ولن يستطيع ذلك إلا من خلال تحقيقها». وفيما أكد «الحكيم» أمام كوادره أن «التسوية لن تمُر»، قال إنه «تحدّث إلى شخصيات سعودية، منها رئيس المخابرات خالد الحميدان، وجميعهم أكدوا أن المملكة لن تسير بتسوية لا يرضى عنها المسيحيون في لبنان». وعن عدم سفره إلى السعودية، قال جعجع إنه لن يتحرّك من مكانه، ومن يريد أن يتحدّث إليه فهو باق في معراب. أما الحريري، الذي أكد أنه «على تواصل دائم معه عبر الهاتف»، فقد جزم جعجع بأنه «لن يزوره في بيت الوسط في حال عودته، لكن أبواب معراب ستبقى مفتوحة إذا ما قرّر هو الاجتماع بنا».
وأكد جعجع أنه والعماد عون «لن يتراجعا كما باقي الأحزاب المسيحية، وأن لا قدرة لأي طرف على انتخاب فرنجية رئيساً في حال عدم موافقة عون وحزب الله». وأشار الى «أننا في القوات اللبنانية مستمرون في حوارنا مع التيار الوطني الحر»، وفي حال «فشلنا في تعطيل هذه المبادرة، ووجدت القوات نفسها مضطرة إلى المفاضلة بين عون وفرنجية، فإننا سنختار العماد عون مرشحاً»، علماً بأن جعجع أشار إلى أنه لن يذهب إلى ترشيح عون مباشرة «فنحن سنفتح أيضاً خطّاً حوارياً مع فرنجية، لنرى كيف بإمكاننا انتزاع مواقف سياسية أكثر في ما يتعلق بمختلف الملفات، إن على صعيد المؤسسات السياسية والأمنية، وطبعاً في موضوع الحياد والنأي بالنفس وقتال الحزب في سوريا، وقانون الانتخابات». وعندما لمس جعجع حجم النقمة القواتية على تيار المستقبل، ظهر الرجل أقرب إلى خيار تدوير الزوايا، مشيراً إلى أن ما حصل «كبير»، لكن القوات «لن تقطع العلاقة مع المستقبل، بل ستسعى إلى تنظيم الخلاف مع التيار». قائلاً «لسنا في معرض القطيعة مع أحد، بل هدفنا هو إبقاء التواصل قائماً». وأكد أن «مستقبل العلاقة مع الرئيس الحريري تحدّده مجريات الأمور والمسار الذي ستتخذه تسوية فرنجية».