IMLebanon

جعجع … في الحوار والنقد؟

اللقاءات الدورية مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع تكون دائماً لقاءات دسمة بالطروحات التي يقدمها ويناقشها مع باقة مختارة من الصحافيين والاعلاميين، وتنتهي في معظم الاحيان نتيجة لا غالب ولا مغلوب، وبزوادة من المعلومات والتحليلات والمواقف، التي تأخذ طريقها الى شاشات التلفزيون وهواء الاذاعات، وصفحات المواقع الالكترونية وبطون الصحف والمجلات.

ظهر يوم الثلاثاء الماضي، كان موعد الاعلاميين مع جعجع، بعد انقطاع بدأ منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وقد حرص الحكيم، على «طمأنة» اصدقائه الاعلاميين، الى استعداده لمتابعة هذه اللقاءات بهمة الزميلين العزيزين شارل جبور وانطوانيت جعجع.

طرح الدكتور جعجع للنقاش ثلاثة مواضيع هي: الكهرباء، النزوح السوري، والمعركة ضد داعش، مستهلاً النقاش باشارة الى موضوع لا يقل اهمية عنها، بل قد يكون اكثر اهمية، لانه يتعلق بالشعب اللبناني وبتمسكه بارضه ووطنه، هو موضوع «تيئيس المواطن ودفعه الى الاحباط، وجعله «يضب شنطته» ويترك لبنان ربما «بوّن واي تيكيت».

في مقالي اليوم، لن اخوض في موضوعي الكهرباء والنزوح السوري، لان موضوع تيئيس المواطنين وما دخل عليه من اضافات لها علاقة وثيقة به، وما دار حوله من نقاشات صريحة، وجدية وحادة احيانا، يستأهل البحث به منفرداً، خصوصاً ان عددا من الزملاء تناول المواضيع الاخرى، وبحث بها وشرّحها وابدى رأيه بها بما يكفي.

***

جعجع الحريص على متانة الوحدة الداخلية، وتمسك اللبناني بارضه ووطنه، يرى ان التنافس الاعلامي، وخصوصاً في محطات التلفزة، التي تؤثر اكثر من غيرها بمواقف المواطنين، ويخلق عندهم يأساً غير محدود، لم يكن موجوداً حتى في اصعب ايام الحرب، وفات الدكتور جعجع، او لم ينتبه، الى ان اسباب اليأس عند المواطنين في هذه الايام، هي اكثر بكثير، عما كانت اثناء الحرب وحتى اصعب.

اليوم، حرب المنطقة تدق ابوابنا، ويخشى من دخولها، نصف اللبنانيين غرباء، يدمرون الاقتصاد، والبنى التحتية، والسلاح وفير بين ايديهم، ويجري ايقاظ الخلايا الارهابية، النائمة او الرابضة  على الحدود، الفساد يعم جميع القطاعات الرسمية وغير الرسمية، ووحش المخدرات اصبح كبيراً وشرساً، هناك من بشر دائماً بامكان نشوب حرب مع اسرائيل، وهناك من يحذر الدولة اللبنانية ومواطنينها بانهم سيعودون الى ايام العصر الحجري، اذا هاجم احد اسرائيل، الاقتصاد والليرة والمصارف في دائرة الخطر، ومواسم الخير، صيفاً او شتاءً او سياحة، وقف على تصريح من هنا او من هناك، لتنهار جميعها، هناك تفلت في السلاح وبشاعات في ارتكاب الجرائم، وتخلف وعلامات استفهام كبيرة، عند بعض القضاء بحيث يشعر المواطن العادي انه متروك لقدره بين ايدي المجرمين، خصوصاً انه اصبح على اقتناع بان المسؤولين في الدولة الذين لا يدافعون عن سيادة الدولة وقرارها وهيبتها وسلطتها ودستورها وقوانينها، كيف لهم ان يحموا المواطن ويدافعون عنه؟

نعم… هناك نقاط بيضاء، وكوب نصفه ملآن، في عمل وتضحيات، وسهر، رجال في قوى الامن وفي الجيش، يسطرون بطولات ويسجلون نجاحات، ولكن هذا لا يكفي في ظل مجلس نواب فاشل وحكومات فاسدة، والخميرة، الصالحة، إن في مجلس النواب، او في الحكومة، لن تنتج عجيناً صالحاً يا حكيم، بوجود مغاور علي بابا «المشرورة» في كل مكان.

لا بد في نهاية هذا المقال، من تسجيل حقيقة ظهرت بوضوح في لقاء يوم الثلاثاء، وهي ان سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، انسان يحاور ويدافع عن مواقفه، ويقبل النقد ولو كان قاسياً، ويحترم الرأي الاخر، وهو في هذا المجال قدوة للاخرين.