Site icon IMLebanon

جعجع «تستعرض»… و«القوات» تستعد لما بعد

 

على وقع «الغضب» الشعبي، واعتراض الشارع الناقم على الطبقة السياسية بكلّ أركانها، وصل نواب تكتل «الجمهورية القوية» مثل بقية «نواب الأمة» الى ساحة النجمة أمس. وعلى وقع صرخات الجائعين والمُهانين والتعساء، الطافحة وجوههم بحرارة الانتفاضة على رغم الجو البارد، وصل أعضاء الكُتل بقلوب ووجوه باردة، لم يُضفِ عليها الجو الدافئ في سياراتهم الفارهة بعضاً من الحياة أو الحياء. أمّا الكلمات التي تُليت على مسامع الشعب الثائر، فـ»بالية» ومُستهلَكة، على عكس ثياب «مُمثّلي الشعب» ومعاطفهم.

في ظلّ احتدام النقاش أمس على المستويين السياسي والشعبي، حول تأمين النصاب لجلسة الثقة، وعن «هوية» مؤمّني النصاب من الجهات السياسية المُعارضة لـ«حكومة مواجهة التحديات»، ما كان لهذا النصاب أن يتأمّن من دون حضور طرف واحد: القوى العسكرية والأمنية. فمن دون القوة الشرعية ما كانت الغالبية النيابية قد نجحت في الوصول الى ساحة النجمة. ومن أكثر المُلامين على المشاركة في جلسة الثقة، كان حزب «القوات اللبنانية»، على رغم من أنّ نوابه لم يدخلوا إلى قاعة الجلسات إلّا بعد الإعلان عن اكتمال النصاب، لأنّهم «ليسوا من يؤمّنون النصاب»، بحسب ما «غرّدت» النائب ستريدا جعجع.

 

وتوضح مصادر «القوات» أنّ مشاركة نوابها في الجلسة طبيعية، وتردّ على المنتقدين قائلة: «من لم يشارك في الجلسة كان يجب ألا يشارك في استشارات التكليف ولا في استشارات التأليف، فهذه الجلسة تتمة للاستشارات ضمن المسار الدستوري الطبيعي». وتشير إلى أنّ «نواب «القوات» لم يدخلوا الى قاعة المجلس إلّا بعد اكتمال النصاب وتوقيع لائحة النواب الحاضرين التي شملت 67 نائباً».

 

وتعتبر «القوات» أنّ «هذه الجلسة دستورية والتَغيّب عنها لا يفيد، ولم يُعلَن بعد سقوط شرعية المجلس النيابي والمؤسسات». وترى أنّ «النصاب لو لم يتأمّن ولم تُعقد الجلسة، لكانت أُجّلت، وبقينا ندور في حلقة مفرغة لا يُمكن أن توصلنا الى أيّ مكان. كذلك، لو أُجّلت الجلسة، لَشُدّدت الإجراءات أكثر لتأمين النصاب».

 

وتذكّر المصادر «العاتبين» أنّ «استقالة «القوات» من الحكومة لم تأتِ بناء على طلب الحراك، لأنّ الانتفاضة بدأت في 17 تشرين الأول، ووزراء «القوات» استقالوا في 19 منه. كذلك طالب رئيس حزب «القوات» سمير جعجع في 2 أيلول الماضي، وقبَيل الإنتفاضة، بالإتيان بحكومة اختصاصيين حياديين».

 

ويبدو أنّ «القوات» مستمرّة في اعتماد مسار «التغيير العقلاني»، من خلال ممارسة دورها المؤسساتي والنيابي، والتعبير عن موقفها داخل المؤسسات. ويظهر أنّ الأزمة المالية ـ الإقتصادية تفرض وقعها على مواقف «القوات»، إذ طَغت على مداخلات نواب «الجمهورية القوية» أمس، فيما غابت النبرة السياسية العالية، سواء تجاه «حكومة اللون الواحد» أو تجاه «حزب الله».

 

وانطلاقاً من أولوية التركيز على مواجهة هذه الأزمة، ترى «القوات» أنّه كان يجب الانتهاء من تأليف الحكومة وجلسة الثقة، للانتقال الى السؤال: «هل هذه الحكومة قادرة على معالجة الأزمة»؟ ثمّ التحضير للضغط لإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

 

والى مشاركة «القوات» في الجلسة، أثارت كلمة النائب ستريدا جعجع جدلاً، إذ لفتت بعض المُحتجّين ومتابعي الجلسة والسياسيين على حدٍ سواء. فبأناقتها المعتادة، أزياءً وخطاباً ولغة، وقفت جعجع على منبر المتحدثين في قاعة المجلس مُلقية كلمتها بالفصحى، «مُستعرضة» مواقف «القوات» وإنجازات وزرائها، من دون الغوض في البيان الوزاري. لكنّ هذا العرض خلال جلسة مُخصصة لمناقشة سياسة الحكومة وبيانها الوزاري، لم يكن عبثياً، وفق ما توضح مصادر «القوات»، خصوصاً أنّ نواباً «قواتيين» آخرين تحدثوا بدورهم، وتناولوا في كلماتهم ما لم تذكره زميلتهم.

 

وتقول المصادر القواتية إنّ «كلمة جعجع هدفها تظهير أنّ «القوات»، وفي كل المراحل السابقة، كانت تعمل لتحقيق الإصلاح المطلوب، فتعداد ما حققته «القوات» لا يهدف الى عرض إنجازاتها بل إلى تبيان المنحى العام الذي اعتمدته في عملها، والذي يتماهى مع مطالب الشعب اللبناني والثوار الآن، إن لناحية تحذيرها من الوضع المالي ـ الإقتصادي، أو اختيارها وزراء تكنوقراط، أو مطالبتها بحكومة اختصاصيين حياديين وانتخابات مبكرة».

 

وتلفت المصادر إيّاها إلى أنّ «هذا السرد كان ضرورياً جداً لتبيان الخط التاريخي لـ«القوات» ولتُبرز جعجع، بالمحطات والمواقف، كيف تعاملت «القوات» مع كل حدث، وما هي الإنجازات التي حققتها للحؤول دون الوصول الى الوضع الراهن». فمن الضروري بالنسبة الى «القوات» في ظلّ حركة الناس في الشارع، وفي هذه المحطة السياسية، أن تُبرز خريطة الطريق التي اعتمدتها، والمواقف التي اتخذتها، والعمل الذي أدّته خلال السنوات الثلاث الأخيرة.