هل تعبّد الرياض الدروب الوعرة بين الحليفين السابقين قبيل الإنتخابات منعاً للخسارة؟
باتت الشعارات التي كانت تجمع رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، ورئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع في خبر كان، بعد إنقلاب المواقف وتوجيه الاتهامات المتبادلة، والمرور بمطبّات سياسية عدة لم يسلم منها احد، الى ان وصلت الى القطيعة وإنكسار الجرّة بينهما، من دون ان تنفع إعادة الترميم، لانّ كل شيء تحطّم في توقيت صعب جداً، لم تصل ضمنه الوساطات بعد الى تخطيّ مرحلة الانتخابات النيابية المرتقبة، لتشعلها اكثر تلك الهجومات على مواقع التواصل الاجتماعي بين انصار الطرفين، حتى طالت بشظاياها ذلك التحالف القائم بين “القوات” والحزب “التقدمي الاشتراكي” في بعض الدوائر، حيث يتواجد اهل السنّة، ومن ضمنهم مؤيدو “تيار المستقبل”، الذين يقفون حجر عثرة امام تثبيت التحالف بين جعجع وجنبلاط، خصوصاً في مناطق الشوف واقليم الخروب، اذ يتفاقم التململ السنيّ هناك من التصويت للائحة تضّم مرشحاً “قواتياً”، بحسب ما نقلوا لجنبلاط، ليمتد هذا التململ والرفض الى منطقة البقاع الغربي – راشيا، حيث يرفض نائب “المستقبل” محمد القرعاوي، ان تضّم لائحة التحالف مع النائب “الاشتراكي” وائل ابو فاعور اي إسم “قواتي”، لانّ اهل السنّة في المنطقة سيرفضون دعمه .
الى ذلك، تنقل مصادر سياسية مقرّبة من الطرفين، بأنّ كل الوساطات التي جرت لإعادة شعرة معاوية بين الحزبين لم تفلح، ومن ضمنها الزيارة التي قام بها ابو فاعور الى معراب، التي لم تبحث فقط عناوين التحالف “القواتي” – “الجنبلاطي”، بل إمكانية المصالحة مع “المستقبل” والتحالف معه، لانّ الظروف والاوضاع تتطلّب ذلك، وبدوره زار الوزير السابق ملحم رياشي الرئيس فؤاد السنيورة بعيداً عن الاضواء للغاية عينها، نافياً له ما يُردّد بأنّ لـ “القوات” نيّة لجذب ووراثة مناصري “تيار المستقبل”، لكنّ الوسيطين لم يتوصلا الى اي نتيجة، لان الاستراتيجية السابقة ازيل وهجها لا بل تخلخلت، وانتهى أي امل بإعادة التحالف، فزمن الماضي ولىّ والخلافات باتت متشعبة.
ولفتت المصادر المذكورة، الى انّ خطورة الوضع الراهن، تتطلّب التضامن وتوحيد كلمة المعارضة، معتبرة بأنّ الحريري وجعجع هما رأس حربة في المعارضة، فيما جنبلاط يتقرّب من الجميع، تحت عنوان المرحلة تتطلب التعاون ومدّ الايدي الى جميع الافرقاء لإنقاذ لبنان، فيما الاولوية له هو كسب المقاعد والتحالف مع اي طرف كان، حتى ولو كان من الخصوم، لانّ كل الاطراف تتحالف اليوم وتخلط الاوراق مهما كانت مبعثرة، فالمهم تمرير هذه المرحلة ومن بعدها الطوفان، اي إزالة تحالف الضرورة والمنفعة والمصالح لاحقاً، وهذا المشهد سنراه في 16 ايار المقبل، اي في اليوم الذي يلي موعد إجراء الانتخابات النيابية، حيث سيسير كل فريق في اتجاهه الصحيح، ويتخلى عن الحليف الظرفي لا اكثر ولا اقل، وهذه هي اللعبة الانتخابية، وفي لبنان كل شيء مباح، وشبك الايادي الانتخابية تثير العجائب.
ورأت المصادر عينها، بانّ الاجواء الانتخابية لا تطمئن في هذا الاطار، لانّ “القوات” و”المستقبل” يتجهان الى معركة حامية في منتصف ايار المقبل، وما يظهر يشير الى قرار بإسقاط مرشحيّ “القوات” في المناطق حيث يتواجد مناصرو الحريري، خصوصاً في دائرة الشمال الثالثة بهدف إسقاط جعجع وباسيل معاً من خلال الصوت السنيّ. لكنها اشارت الى إمكانية خرق هذا الخلاف، عبر دخول الرياض بين الطرفين وفق معلومات مؤكدة، وآخر مظاهر هذا التدخّل البيان الذي صدر قبل يومين عن هيئة الرئاسة في “تيار المستقبل”، الذي حذّر فيه من ” السقطات التي تقع في خانة توظيف بعض القضاة، في تصفية الحسابات السياسية وغير السياسية، الأمر الذي ينذر بجعل لبنان ساحة مفتوحة على الإنتقام العبثي والكيل بمكاييل العدالة الإنتقائية التي تجرّم من تشاء وتغفر لمن تشاء”، مستغربة ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية على رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في احداث الطيونة، ورأت فيه “خطوة تسيء الى القضاء اللبناني كسلطة تعنى بحماية مقتضيات السلم الأهلي لا باثارة النعرات الطائفية”.
هذا الامر إعتبرته المصادر المذكورة مرشحاً الى ابعد من ذلك قريباً، لانّ الرياض ستحاول تعبيّد الدروب الوعرة بين الحليفين السابقين “القوات” و”المستقبل”، لانها ترفض خسارة القوى المعارضة امام محور الممانعة في معركة الاستحقاق الانتخابي، الذي سيوصل لاحقاً الى معركة الاستحقاق الرئاسي.