رئيس «القوات» لسلام: «طوِّل بالك على الجنرال»
جعجع «الوسطي»: تفهم عون.. وتفاهم مع الحريري؟
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «وسيط» بين الرئيس تمام سلام والعماد ميشال عون!
حتى ما قبل «إعلان النيات» كانت هذه المعادلة تبدو ضرباً من ضروب الخيال السياسي، أما ما بعده، فقد تبدلت الأحوال وأصبح جعجع من المتحمسين للتبشير بالتهدئة بين «الصديق المستجد» في الرابية، وحليف الحليف في المصيطبة.
وإذا كان تحرك جعجع في اتجاه المصيطبة والرابية هو أقل من مبادرة، فإنه أكثر من خطوة عادية، كما تؤكد أوساط قواتية.
يدرك جعجع ان الازمة المحتدمة بين عون وسلام أصعب من ان تُعالج بزيارة، كتلك التي قام بها قبل ايام الى رئيس الحكومة في المصيطبة، ليعود ويلتقي بعدها النائب ابراهيم كنعان موفداً من عون في معراب، فيما كان رئيس جهاز التواصل والاعلام في «القوات» ملحم رياشي يزور رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل ويضعه في أجواء المشاورات التي يجريها جعجع.
ضمن الهامش الضيق لـ «الوساطة»، سعى رئيس «القوات» عبر «دوريته الاستطلاعية» الى استشراف إمكانية تنظيم الخلاف بين عون وسلام المدعوم من «المستقبل»، أو على الأقل منع امتداده مجدداً الى الشارع، ما دامت معالجته متعذرة حالياً.
ولجعجع حساباته التي تجعله يتحرك بين حدّين مدروسين. فهو غير متضرر من معركة عون، إذا بقيت ضمن ضوابط معينة، لأن تحسين شروط المشاركة المسيحية في السلطة يفيد «القوات» ويعزز حجمها، لكنه في الوقت ذاته لا يريد ان يخسر التحالف مع «المستقبل» أو أن تذهب المواجهة البرتقالية معه الى درجة إحراجه على الارض.
وخلال لقائه بسلام، شدد جعجع على ضرورة التهدئة مع عون، متوجهاً الى رئيس الحكومة بالقول: دولة الرئيس.. الحالة صعبة، والوضع يحتاج الى حد أدنى من الاستقرار، حتى تكون هناك قدرة على الاستمرار في ظل الظروف التي تمر فيها المنطقة.. الحكومة وحدها تعمل من بين المؤسسات الدستورية الأخرى، لذلك وبرغم مآخذنا عليها وبرغم أننا لسنا ممثلين فيها، إلا أن العقلانية والواقعية تقتضيان حمايتها، حتى نحمي الاستقرار في انتظار وضع افضل.
شرح سلام مآخذه واعتراضاته على سلوك عون، مبدياً تمسكه بآلية عمل مجلس الوزراء ورفضه تحويل التوافق الى أداة للتعطيل. لكن جعجع دعاه الى ان «يُطوِّل باله» على الجنرال، لافتاً الانتباه الى ان كل طرف لديه وجهة نظر، «ويجب ان نعالج التباينات بأكبر قدر ممكن من المنطق والعقلانية، الى حين انتخاب رئيس الجمهورية والخروج من هذه الدوامة».
وأبلغ جعجع رئيس الحكومة ان «القوات» تتمسك بمبدأ توقيع كل الوزراء على مرسوم فتح دورة استثنائية، حتى يكون نافذاً، لأن التوقيع هو من صلاحيات رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن الوزراء الـ 24، وليس النصف + واحداً، يجب ان يوافقوا على فتح الدورة، ما دام أن الحكومة مجتمعة تمثل رئيس الجمهورية، في غيابه.
وقد جرى خلال الاجتماع الأخير بين جعجع وكنعان في معراب تثبيت التفاهم على النقاط الآتية:
ـ إلزامية توقيع الوزراء الـ 24على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية.
ـ الإصرار على وجوب إدراج مشروع قانون الانتخابات النيابية او مشروع استعادة الجنسية على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي يمكن ان تعقد تحت سقف تشريع الضرورة، والاستعداد للبحث مع الرئيس نبيه بري في السبل الآيلة الى تسريع عبور هذين المشروعين من اللجان المشتركة وتسهيل وصولهما الى الهيئة العامة.
ـ وجوب عدم تجاهل او تجاوز أي مكون مسيحي من خلال آلية عمل مجلس الوزراء، على قاعدة إلزامية التوافق بين المكونات الاساسية للحكومة.
وفيما تؤكد مصادر عون ان هناك شبه تطابق بين معظم الاطراف المسيحية حول هذه المسائل، تلفت الانتباه الى ان «القوات» تتمايز عن «التيار» في النظرة الى خيار استخدام الشارع للدفاع عن الحقوق المسيحية، «إذ إن جعجع لا يحبذ استعمال هذا الخيار في هذا التوقيت، لأسبابه الخاصة، بينما يعتبر عون ان استخدام الشارع للتعبير الديموقراطي عن الاحتجاج هو أمر مشروع وضروري، خصوصاً أن التحركات البرتقالية على الأرض سلمية وحضارية، بحيث انها لا تهدد الاستقرار الداخلي ولا تسبب الفوضى».
ويبقى السؤال: هل ينجح جعجع في محاولة التوفيق بين الحاجة الى صون «اعلان النيات» مع «التيار الحر» وبين حماية تحالفه مع «المستقبل»، أم أن الأزمة ستدفعه، إذا احتدمت، في اتجاه زاوية صعبة؟